من البديهي أنه عند الشروع لنشر الوعي وتثقيف المجتمع لأمرٍ ما أنَّ يكون الإعدادُ متقناً للوصول للهدف وكسب قبول الرأي العام وتحقيق قناعة المتلقي لتؤتي الحملة التوعوية النتائج المرجوَّة منها .
ووفق ما أرسل لي أحد الفضلاء بنسخةٍ من تغريدةٍ تقول بأن المسافرين برَّاً من الطائف – الدمام تحدثوا عن كثرة وجود لوحاتٍ على ذلك الطريق تحمل عبارة : { الفساد يعيق التنمية } . فواقع الحال يشير بأنَّ مثل هذا العمل الأقرب للدعائي وليس للتوعية قد تمَّ بلا تخطيطٍ عميقٍ وبلا دراسةٍ مستفيضةٍ يتحققُ معها المراد وذلك لأسبابٍ أهمها :
أولاً :
أنَّ من استمرأ الفسادَ وأنزلقَ في وحلِ سُبُلهِ الملتوية ويرى من زاويةٍ تخصُّه لوحده بأنَّه أكثرُ دهاءً وفطنةً ممن حوله ليجني المكاسبَ غير المشروعة ، فلن تستوقفَه جملةٌ عابرةٌ على طريقه الذي اعتاد أن يسلكه ذهاباً وإياباً من وإلي عمله يومياً ، بل قد تسترعي إنتباههُ لوحةُ إعلاناتٍ تجاريةٍ أكثر من تلك اللوحة .
ثانياً :
أكاد أُجزم بإنَّ من قَادَهُ تفكيره من المتنفِّذين في هيئة ( نزاهة ) إلى تخصيص ميزانيةٍ للإنفاق على تلك اللوحات ونَصْبِها على طرق المسافرين من وإلى مدن الوطن المترامي الإطراف هو أول من يدرك قبا غيره أنها لن تحقِّق نتائجَ توعويةٍ بما يوازي تكلفتها .!!
وهنا يبرز تساؤلٌاتٌ مشروعٌة مؤداها :
• هل لدى صاحب هذا النبوغ الذي اقترح وضع تلك اللوحات على طرق المسافرين ( برَّاً) ما يؤكد أن الفاسدين يكرهون السفر عن طريق الجو؟؟ !!!!
• أليس هذا العمل من هدر المال العام والعبث به ؟؟
• أليس هذا ضربٌ من ضروب الفساد الممنهج والإحتيال من جهةٍ يُفتَرض أنها تلاحق الفساد والفاسدين والمفسدين ؟
ولنكن أكثرُ شفافيةً وصراحةً ونتسآءل ماذا حقَّقتْ هيئة مكافحة الفساد هذه والتي أُنشِئت منذ يناهزُ عقدٍاً من الزمن ؟؟ وهي الهيئة التي تجاوزت في تشكيلها واستئجار مقراتٍ واستقطاب موظفين لها بعض الجهات والهيئات الحكومية ذات المردود الإيجابي الأكثر نفعاً للوطن والمواطن .
الله وحده الذي يعلم ثمَّ طرفا العقد ما يتمُّ تدوينه في عقود تجهيز تلك اللوحات ، لاسيِّما إذا ما أخذنا في الحسبان ما أعتدنا عليه من مبالغاتٍ في الأرقام الفلكية التي خُصِّصت لتنفيذ كثيرٍ من المشاريع الحكومية .
غير أننا سنظلُّ متفاءلين وتوَّاقين بأن تشمل الخطواتُ التصحيحيةُ الوثَّابةُ لدولتنا الحازمة الراشدة – أيدها الله – هيئة مكافحة الفساد ، والله من وراء القصد وعليه الإتكال .
التعليقات