.
قسم الله الهمم والطموح بين البشر فمنهم من لا يستكين ولا يهدأ للبحث عن تطوير ذاته وتحسين موارده ودخله ومواكبة ما يسانده لإنجاح أهدافه واقتناص الفرص متى سنحت الفرصة بذلك ، بطل قصتنا هذا اليوم فتىً يافع في مقتبل عمره اشتد ذراعه ونضج عوده فامتهن التسول دخلاً ومصدراً ..
جمعني به القدر عند مركز تموينات لبيع المواد الغذائية حينما كنت خارجاً منه قاصداً سيارتي فإذا بالإشارة الضوئية على مرأى من عيني تسمح للعابرين بأن يسلكوا طريقهم قاصدين وجهتم مما اضطر ذلك الشاب بأن يتنحى قليلاً عن مسارها لتعبر وجهتها ، فكان لي معه لقاء وبالصوت حديث ونداء، بادرته متسائلاً : ألمثلك أن يسأل الناس إلحافاً ..
أما تخجل بأن تكسب قوت يومك بلا عناء أو تعب وقد رزقك الله بسطة في الجسم وإني لأرى نفسي خجلاً أن أعاتبك أو أناصحك ، فبادلني السؤال بسؤال : ومن أين لي أن أحصل على عمل !
فقلت له : أما وأنك قد امتهنت السير عند الإشارات واعتادت قدماك عليها فخذ شيئاً من المناديل والماء وبعها فتسعة أعشار الرزق في التجارة ، وأنا على ثقة بأن عموم المارة ستشري بضاعتك بضعف ما تطلب دعماً لك وأجراً لهم ، وفي ذلك حفظاً لماء وجهك من أن يعطوك أو يمنعوك .
فكان رده بالعبارة المشهورة المتداولة : ( انفخ يا شريم قال ما به برطم ) ومن أين لي ببضاعة لأبيعها ، ومن أين لي بثمنها وأنا بالكاد أجد قوت يومي وأنا على هذا الحال ، فقبضت يده لأدخله مركز التموينات وقلت له سأوفر لك البضاعة وعليك البيع ولك رأس المال والمربح ومنها نقطة انطلاق لتعاود الكرة مراراً وتكراراً لعل الله يفتح عليك وتنتشل نفسك مما أنت عليه من سلوك لم يحثنا عليه ديننا الحنيف .
تفاجأ ذلك الشاب وابتسم ، فلا أعلم هل كان ابتسامته خجلاً أم وجلاً ، واعتذر وشكر رافضاً المبدأ والفكرة مبدياً رضاه بما هو عليه مقتنعاً بما يجده ، أصبت بالذهول وأبلغته بأنها فرصتك الآن – انفخ يا شريم – فإني لك من الناصحين ، انتهى لقائي بذلك الشاب وتركته يصارع أمواج الحياة بما يمليه عليه إدراكه ووعيه وقد يكون هناك أبعاداً أخرى لم يبح بها ، افترقنا بعدها وركبت سيارتي فإذا به طارقاً زجاجها سائلاً بعضاً من المساعدة قبل مغادرتي ( جزء من النص مفقود ) عش زمناً ترى عجباً.
.
التعليقات