في خضم الجفاء والعقوق البشري – الذي بلغ ذروته في هذا الزمان وأصبح في كثير من الاحيان ضرباً من الجنون – تنبري لنا بعض النماذج الإنسانية التي بلغت من البر مبلغاً يندر أن يوجد في هذا الزمان ؛ لتؤكد أن الأمّـة لا تزال بخير مهما حملت لنا الأيام في طياتها من قصص العقوق التي يندى لها الجبين ..
فحيث وصف النبي صلي الله عليه وسلم أمته بالقول : ” لايزال الخير في أمتي حتى قيام الساعة ” ، في وقتٍ قلّ فيه الوفاء بين الناس والأقارب ، فكلٌ ماضِ في سبيله حتى في أشد الحالات ألماً – والتي تستوجب أن يجدَ المتألم فيها من يقف معه – لا أنْ يقابلَ بالجفاء والصدود فيسبب الصدمة الأعنف في حياة المريض ؛ حينها يشعر بأنه في غابة لا مجال فيها للإنسانية ..
وقد تجلت معاني تلك الجفوة في قصة ” محمد الشهري ” الذي عاش الواقع ومضى باحثاً عن النبلاء الأوفياء عندما رأى تأزم حالة شقيقه ، وتألمه ، وشكواه من سطوة الفشل الذي أصاب كليتيه ، وعدم قدرته على ممارسة حياته بشكل طبيعي ، حينها لم يتردد بالتبرع لشقيقه بشيء من أغلى مايملك ، وأعطاه قطعة من جسده ، وتنازل عن شيء لايعوض أبداً ..
فقد قدم إحدى كليتيه إحساناً وعطفاً وفدائية لشقيقه ( حمود ) ، وتنازل بها لوجه الله تعالى من أجل إنقاذ شقيقه ، وهنا تظهر وتتجلى المواقف في أبهى صورها في مثل هذا العمل الإنساني الذي يصعب حدوثه أو تكراره ، ولكنه يبقى عملاً جباراً ، ومغامرة صعبة – الخطـرُ من أبرز توقعاتها – ولكن سموّ النفس ، والبحث عن ما عند الله يأتي في أولويات هذا الإقدام .
ومثل هذه النماذج الرائعة نتمنى أن تعطينا درساً في باب الوفاء والعطف والعطاء ، وترسم لنا في الحياة طريقاً مضاء والوصول إلى الأعمال الصالحة ، وأن تكون نبراساً لنا في أمور حياتنا وروايةً ننشرها في مجتمعاتنا التي بدأ ضؤها يتلاشى بتباعد الناس وانصهارهم في واقعٍ جديد صار لا يعيش إلا على الماديّات .
كتب الله لك الأجر أخي ” محمد ” ، وطهور من ما أصابك أخي ” حمود ” ، سائلاً الله – عز وجل – أن يمتعكما بالصحة والعافية ، وأن يطيل في أعماركم على طاعته .
التعليقات