الكذب بحد ذاته بغض النظر عن حكمه الشرعي لا يستسيغه و يستمرئُه إلّا ناقصي المروءة وقليلي الحياء ، فكيف لو أضفنا إلى هذه المثالب حُكمه الشرعي الذي جعل صاحبه متلبسا بصفة من صفات النفاق ، من داوم عليها كُتب عند الله كذّابا.
لقد كان العرب قبل الاسلام يعدّون الكذب من القبائح الدنيئة التي لا تصدر عن ذوي المقامات العليّة ، حتى كان أحدهم يتكلم بالصدق الذي يعود عليه بالضرر في سبيل ألا يُحفظ عنه كذبة يعرفهُ الناس بها ، وقصة أبي سفيان رضي الله عنه قبل إسلامه مع هرقل الروم مشهورة معروفة..
ولقد عُرف الكذب عند الناس بقِصر أمده وكشف ستره وسَقْط صاحبه حتى ضُربت في ذَمّه الأمثال ، وحذّرت من قُبْحه الأشعار ، وحسب الكذّاب أنّ صدقه يُنسب لغيره وكذب غيره يُنسب له.
لا يكذب المرء إلا من مهانته *** أو عادة السوء أو من قلة الأدب
أقول :
يا للعجب كيف تنكّست الفِطر في هذا الزمن ، وسار بعض الدواب من البشر على عكس المسيرة ، وخالفوا بأهوائهم مسلّمات الفضيلة ، فلم يعد بعضهم يعبأ لو عُرف عنه الكذب أو أُشتهر بالفسق والدجل ، بل لا أبالغ لو قلتُ : إنّ التنافس بين بعضهم زاد في تبنّي الإلحاد وإظهار التعرّي والفساد ، وما صُورهم مع زجاجات الخمر وقليلات الحياء من النساء ، وما سوء أدبهم مع الباري جلّ في علاه ومع رسوله صلى الله عليه وسلم إلا خير شاهدٍ على أنهم قد نزعوا ربقة الحياء ، واختاروا لأنفسهم أن يكونوا مطايا لغيرهم ، ممن يكيد لدين الاسلام المكائد ، ولا نقول إلا بما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستحِ فافعل ما شئت.
والغريب أن يكون أمثال هؤلاء محلُّ صدارةٍ مع بعض الناس لهم ، وإنّك لا تكاد ترى موطئا يضعون رحالهم فيه إلا تكالب عليهم الناس بالشتم والإبعاد ، ومع ذا يُسلَّمون الأقلام ويظهرون في الإعلام ، ويتحدثون باسم العامة و الوطن ، وهم أبعد ما يكون عن جلب المصالح ودرء المفاسد ، فما رُؤاهم إلا ماديّة وما معتقداتهم في كل ما هو من الدين إلا إقصائية ، ولقد أثبتت لنا أزمات الأمة تولّيهم يوم الزحف في غير مرّة ، فمن داسٍ لرأسه في التراب، ومن واجد لملجئٍ أو مغارةٍ ، ومن باحثٍ عن مُدّخل ، حتى إذا كَشفَ الله الغُمّة تعذّروا بالفتنة وبساطة المِحنة ، والحقُ أن الله كره انبعاثهم فثبّطهم فكانوا مع الخالفين ، ولكنّها إرهاصات الساعة إذا ضُيّعت الأمانة ووسد الأمر إلى غير أهله.
قيل لأحدهم : أين كنتم في ثورة حنين ؟؟
فقال : بدأت في النت وستنتهي في النت . !!!!!!!!
وسُئل أحدهم : لِمَ كذبت في توبتك يا كذّاب؟؟
فقال : لأقول للجميع : الكذب سهل ويسير. !!!!!!!!
وقيل لأحدهم : كيف تجرأت أن تكتب مسكين أنت يا الله و إنّ الله والشيطان وجهان لعملة واحدة.
فقال : هذه منزوعة من سياقها وهي على لسان أبطال !!!!!
وقيل لأحدهم : لم استهزأت برسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فقال : حالات نفسية تأثرت بها. !!!!!
وقيل لأحدهم : ما المقصود بعنوان كتابك السعودية البديلة ؟؟
فقال: الدولة السعودية الثالثة جنين دولة !!! .. وقد استنفدت أغراضها ولا بد أن تنتهي .. وتقوم دولة سعودية رابعة.
وقيل لأحدهم : كيف تثني على من قامت بخلع ملابسها ونشرت صورها عارية وتصف فعلها بالشجاعة والحرية ؟؟
فقال : وصفت حالها ولم اقل رأيي فيها.!!!!
والأمثلة لا تكاد تنتهي لأناس أغراب ، لو كانوا في زمان ماضٍ لأوجعت جنوبهم السياط حتى يقول المُمْسِيَ منهم أصبحنا وأصبح الملك لله ..
و عموما
نحن نريدُ حقيقةَ وصول مثل هؤلاء الأشخاص التي تدور صفاتهم بين الكذب والزندقة والمطالبة بإسقاط الدولة وتجاهل قضاياها المهمة لمرفق هام من مرافق الدولة وهو الإعلام ، وكيف سُمح لمن يحمل هذه الصفات الدنيئة بالتحدث باسم الوطن والمواطن أو أن يكونوا واجهة لإعلام دولة إسلامية كالمملكة العربية السعودية ، ولو تأملنا مثلا كيف وصل المدعو كشغري للكتابة في صحيفة تُنشر على الملأ مع حداثة سنه وطيش فكره ووجود الأكبر سنا والأرشد طرحا وتخصصا لعلمنا أن هناك من يَزُجُّ بأصحاب الأفكار الملوّثة للإعلام ، ويُسهّل لهم الوصول له ؛ لتظهر صورة المملكة العربية السعودية بخلاف الواقع الحقيقي الذي تعيشه.
وكتبه : محمد بن الشيبة الشهري ـ
@ebnasheba
التعليقات