.
عبارة لم أجد لها تعبيراً واضحاً رغم جهودي المشتتة والبائسة حيالها .. سِوى إنها صفة تُغربل المشاعر والأشجان لمستوى الغليان ، ولمجتمعنا أوفر الحظ والنصيب منها كسائر المجتمعات .. بعضاً من مشاهد ( العباطة ) التي عايشتها تمنيت معها بأن لم أرها .. أوردها تباعاً على حلقات متتالية كسرد قصصي بعيداً عن البلاغة والأدب نظراً لعدم التصاقها بتلك المشاهد والبعد عن فحواها .. فلا قاعدة صلبة تجمعهم .. ولا مبدأ موحد يحتويهم .
خلال شهر رمضان المنصرم .. أديت جزءً من صلاة التراويح في بيت الله الحرام بمكة المكرمة .. وغادرت قبل انتهاء الصلاة حتى الحق برحلة الطيران ، وبينما المسلمون في خشوع وإنصات لقراءة إمام الحرم الشيخ عبدالرحمن السديس – حفظه الله – والصفوف منتظمة في صلاتها في مشهد مهيب رهيب راجين رحمة الخالق سبحانه وعفوه ، إذا برجل في منتصف عمره على أطراف التوسعة متكأً على جدار صغير لأحد المباني والصفوف تحيط به من أمامه وخلفه .. يمنة ويسره .. يُشعل سيجارته مؤذياً بها من حوله من المصلين ، فلا احتراماً للشعيرة ، ولا تعظيماً للمكان والزمان .. ولا مراعاةً لمن حوله من كبار السن والأطفال ..
استوقفني المشهد .. فتوجهت إليه بسؤال مباشر عن سبب حضوره للحرم وقدومه إلى مكة وقد تركت أهلك في بلادك لا معيل لهم ولا راعٍ .. وتكبدت مشقة السفر .. وتحملت أعباء الوصول إلى هنا بالالتزامات المالية .. وبعدت عليك الشُقه .. فكان من حق أهلك عليك أن صرفت أجرة هذه الرحلة عليهم فلربما كانوا أحوج من كساء وغذاء مع قرب ورود العيد من سلوك على هذا النحو تجريه .. وقد يكون أولى وأرحم من إيذائك المسلمين وهم في صلاتهم خاشعون في هذا التوقيت .. وفسحت الفرصة والمجال لغيرك هنا في الحرم .. فليس هذا المكان لمثل هذا الفعل يا رعاك الله..
داهمني بصمته فلم يجب .. فطلبته كرماً إطفاء السيجارة فرفض .. فعرضت شرائها بضعف ثمن العلبة كاملة فرفض .. فقبضت يده راجياً منه الخروج عن المصلين فاستجاب حينها .. فكانت يدي قرين يده حتى خرجنا وابتعدنا .. والأعبط من ذلك أكمل شربها وهو مستمتعاً بها وكأنه تنفس الصعداء وانفرجت أساريره بإكمالها ..
حينها أخبرته .. إن كان من حقك أن تدخن .. فليس بالضرورة أن تُشرب هذه الأمة معك .. واحترام المسجد الحرام والمصلين واجب .. ولو كان منك تدبر لآيات القرآن وهو تـُتلى لما جرُأت على إشعالها .. بالمختصر .. عبثاً أحاول .. قل أو اصمت يا سلطان (عبيط مهنق ) .
وإلى أن ألقاكم في عباطة ( 2 ) .. تتوالى سلسلة العباطات في مشاهد استفزازية عبيطة لعلكم تستطيعون تصنيفها تحت أي بند من السلوك الإنساني أو الخلق الاجتماعي ..
.
التعليقات