السبت ٣ مايو ٢٠٢٥ الموافق ٦ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

من أمي .. وهل يفعلها قلبي – للكاتب أ. سلطان غرمان العمري

من أمي .. وهل يفعلها قلبي – للكاتب أ. سلطان غرمان العمري

 

 

من ماض الزمان وقديم الأوان ، وفي عبارة مقتضبة جسدت معاني العطف والرحمة، لامست في مجملها الخوف على من ترجو سلامته ، وتسعد لحضوره ، وتطمئن لوصوله ، عادت بي ذاكرتي النحيلة لما يرن في خلدي حينما كنت أعود من سهرتي متأخراً وقد أشرقت الشمس على أرض البسيطة وغردت العصافير صداحةً تغدو خماصاً باحثةً عن رزقها لتعود بطاناً لأعشاشها ، فأجد قلباً حنوناً ما زال ينتظر إطلالتي مشغولاً بتأخري ، قلقاً عن مجريات يومي وليلتي ، إنها نبع الحنان ..  والدتي الغالية .. أطال الله عمرها.

 

أدخل المنزل متخفياً متسللاً لكي لا أوقظها ، فأجدها على مصلاها تنتظر فلذة كبدها الحاضر الغائب ، أُقبل يديها ، وأضع رأسي بين قدميها ، طالباً عفوها وأعداً بعدم تكرارها ، وما بين رحمة وغضب ، وصمت وألم ، وخوفاً وحسرة ، يسود طيبها الموقف ، وتمنحني حنانها بلفتة بريئة بسيطة ملؤها الفرح بعودتي وحزناً لتأخري .. فتسمعني من الدعوات ما يبهج الخاطر ويسر الناظر بالصلاح والهداية والتوفيق والسداد ، وبين الحديث والمحادثة ، وقبل فض المجلس وختامه .. أناشدها .. أمي هل قلبك غاضباً علي ،، فتبتسم بإجابتها الحانية المعهودة : ( وهل يفعلها قلبي ) .

 

ما أروعك أمي .. فما أجدك إلا حلماً مع قسوتي ، ولا أجدك إلا قرباً مع بُعدي  .. ولا أجدك إلا حديثاً في صمتي  .. فأنى لي بأم مثل أمي ، وغفر الله لأبي فقد أحسن إختيار أمي ، لا حرمني الله رضاك والجنة وجعلني باراً بك ، فبركات دعائك تحيط بي في كل مكان وتلاحقني مع كل زمان ، أدامك الله لي ذخراً يا نبع الحنان.

 

عزيزي القارئ .. بالغ في بر والديك سواء أكانوا أحياء ً أم أموات وأقلها جهداً وكلفة ( أو ولد صالح يدعو له ) .. والأبواب في ذلك مفتوحة واسعة فهم فرصة لن تتكرر ، والأعمار بيد الله ، وأنت بالخيار فإما مكثر أو مقل ، وفي الحديث : ( رغم أنف من أدرك والديه أحدهما أو كلاهما ولم يدخلاه الجنة ) أو كما قال عليه الصلاة والسلام .

 

 

مقالك248

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *