الجمعة ٢ مايو ٢٠٢٥ الموافق ٥ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

رسائل الجوال .. ألغت قيم التواصل الحميدة أيام العيد، وسلبت نكهته وهويته

رسائل الجوال .. ألغت قيم التواصل الحميدة أيام العيد، وسلبت نكهته وهويته

  

صحيفة النماص اليوم – فوزية الشهري : 

 

تسارع ايقاع الحياة وتقلب الازمان، أفقد العيد رمزيته وحلاوته حينما كان الجميع يحرص على أن تكون مناسبة العيد فرصة ذهبية لمواصلة الأقارب واعادة رتق النسيج الاجتماعي غير أن متغيرات الحياة ومعطياتها الحديثة سلبت كل شئ فأخذت من العيد نكهته وهويته، حيث أصبح الجميع يكتفي بأرسال معايدة برسالة واتس أب أو رسائل نصية أو مقطع صور أوفيديو يعبر فيه عن تفاعله بالمناسبة وأندثرت القيم الحميدة التي كانت تبدأ بالمعايدة واجتماع الاسرة الممتدة وزيارة الجار السابع .

 

يقول عبدالله بن جاري البكري عضو المركز الاعلامي بالنماص إن العيد يبقى دائما رمزاً للفرح والمحبة والتواصل جامعاً كل المعاني النبيلة وهو ما كان عليه الآباء والأجداد في أعيادهم، حيث كان العيد يأخذ وضعاً خاصاً لديهم ودعونا نتحدث عن عيد الأضحى قبل دخول عصر التقنية وقبل عصر النفط حين كان الناس يعيشون ببساطتهم بكل تفاصيلها الجميلة ..  

 

ونبدأ من حيث يبدأ العيد لديهم حيث يستعدون له مبكراً من حيث تحديد الأضحية من بين مايملكه الشخص من ماشية فلم يكن هناك أسواق للماشية مثل يومنا الحاضر بل كان الكل يأخذ أضحيته من ماشيته التي يرعاها طوال العام سواء من أغنام أو أبقار أو ماعز، فيما تقوم النسوة قبل ليلة العيد بالتزين بالحناء وكذلك تجهيز المنزل وتنظيفه وصباغته من الداخل بنوع خاص من الأعشاب لتزيينه وتجهيزه للعيد ليقوم الجميع في فجر يوم العيد بأداء صلاة الفجر جماعة ثم العودة إلى المنزل لبعض الوقت  ..

 

لينطلقوا إلى مصلى العيد أو ما يسمونه المشهد وهو أرض فضاء واسعة، حيث يخرج الرجال والشباب والصبية لأداء صلاة العيد كانوا يأتون المصلى مشياً على الأقدام متبعين سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث يأتون من طريق ويعودون من طريق آخر وبعد أداء الصلاة يرجع كل إلى منزله ليبدأ في ذبح اضحيته بحضور جميع أفراد العائلة كبيرهم  وصغيرهم ولكل شخص دور في هذا الموقف من مساعدة الأب إلى إضرام النار وإعداد الخبز البلدي وإعداد القهوة ليكون إفطار العائلة في يوم العيد من أضحيتهم .

 

وأضاف : لاحقا يقوم كل صاحب أضحية إلى تقسيمها وإهداء الكثير منها مبتدأ بأقاربه من النساء من أخت وعمة وخالة ليبقى جزء يسير في منزله، حيث يتم استهلاك لحم الأضاحي في يومين أو ثلاثة أيام نظراً لعدم وجود أي حافظات له من ثلاجات او فريزرات وغيرها من وسائل التقنية الحديثة بل كان اللحم يجفف ويعلق ويستهلك في مدة لا تتجاوز اليومين أو الثلاثة أيام ..

 

وبعد أن يتناول الجميع وجبة الأفطار يأتي وقت المعايدة أو الزيارة حيث يقوم الرجال في كل قرية بزيارة بعضهم البعض ليمر الرجل على جميع سكان القرية ويأتوا إلى المنزل الواحد فرادا وجماعات حتى وقت صلاة الظهر ليعود كلٌ إلى منزله لتبدأ النساء بالزيارة والمعايدة، حيث تقوم كل إمراة بزيارة قريباتها وجارتها كل ذلك مشياً على الأقدام نظراً لأن وضع المنازل وتقاربها في تلك الفترة يساعد على هذا الامر كثيراً  ..

 

وفي المساء تجتمع كل عائلة عند أكبرهم سنا فالإخوة يجتمعون لدى شقيقهم الأكبر أو لدى عمهم أو خالهم لتجتمع الأسر والعوائل في عدة منازل من منازل القرية لتناول وجبة العشاء وكان هذا الاجتماع بالتناوب بين الأقارب لمدة ثلاثة أيام حيث يجتمعون في كل منزل مرة واحدة وهكذا كان ديدنهم في التواصل والتقارب  ..

 

وبعد تناول وجبة العشاء يجتمع أهالي القرية من الرجال والصبيان في أحد الساحات أو الأماكن المعروفة لديهم لإظهار معالم الفرح بالعيد من أداء الرقصات الشعبية مثل : العرضة واللعب الشهري والخطوة وغيرها من الألعاب المحببة لديهم ليظهروا فرحتهم بالعيد رغم كل ما يعيشونه من بساطة في حياتهم، ورغم كل ما يعانونه من صعوبة في مجابهة الحياة والسعي ليل نهار للحصول على لقمة العيش إلا أنهم كانوا اصحاب نفوس سامية وهمة عالية لا يقف دونها اي حائل من شظف عيش او قسوة حياة  .

 

 

  

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *