الخميس ٣٠ أكتوبر ٢٠٢٥ الموافق ٩ جمادى الأولى ١٤٤٧ هـ

الضمان الاجتماعي المطور بين الواقع والمأمول ! – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم الغامدي

الضمان الاجتماعي المطور بين الواقع والمأمول ! – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم الغامدي

لم يعد الضمان الاجتماعي مجرد إعانة مالية كما في السابق، فالنظام المطور أعاد تعريف الاستحقاق وفق معايير أكثر دقة وعدالة، يعتمد على الدخل الإجمالي للأسرة، ومستوى المعيشة، ومدى القدرة على العمل، بحيث يتحول المستفيد من متلقٍ للدعم إلى شريك في التنمية، ويحرص المسؤولون في الضمان الاجتماعي المطور على تحديث البيانات بين الفينة والأخرى لضمان وصول الضمان الاجتماعي للمستفيدين حسب الضوابط والاشتراطات اللازمة.

ومع الجهد المبذول من وزارة الموارد البشرية حول نظام الضمان الاجتماعي المطور، إلا أن شرط استقلالية السكن للمستفيدين من خلال ابراز عقد ايجار رسمي كشرط للاستحقاق أثار استياء عدد كبير من المستفيدين المستحقين فعلاً، فلا يستطيع المستفيد من الضمان الاستقلال بالسكن منفرداً حتى لو كان السكن يُمنح بالمجان، نظراً لكون المستفيدين غالباً من ذوي الدخل المحدود، ويعانون من الكِبَر والعجز والمرض، في هذه الحالة يصبح السكن المستقل عبئاً لا امتيازاً.

في السياق ذاته، قد يجد المستفيد نفسه مضطراً إلى استئجار شقة رمزية بقيمة تتجاوز ما يتقاضاه من الضمان الاجتماعي، هذا يجعله في عجز مالي أكبر مما كان عليه، ذلك الشرط يبدو معكوساً عند النظر إليه من زاوية الواقع المعيشي والظروف الإنسانية، فمن لا يملك السكن، هو الأولى بالدعم، وليس من يستطيع دفع الإيجار أو توثيق عقد السكن، فالترتيب المنطقي أن الدعم يأتي قبل السكن لا بعده.

تمثل فئات المطلقات والأرامل والمساكين وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة الشريحة الأهم بالرعاية والاهتمام ضمن من يشملهم نظام الضمان الاجتماعي، فهم عاجزون عن العمل والكسب لأسباب قاهرة، هم أيضاً في أمس الحاجة إلى من يسد رمقهم في ظل الظروف المعيشية الصعبة، فالوقوف معهم بالدعم والمساندة مبدأ أصيل من مبادئ التكافل الاجتماعي الذي تقوم عليه القيم الإسلامية والمجتمعية على حدٍ سواء.

ختاماً: نظام الضمان الاجتماعي يتطلب إعادة النظر من خلال دراسة وافية تأخذ كافة الأبعاد الاجتماعية في الحسبان، بالتعاون والتنسيق والاسترشاد برأي وخبرة المختصين في علم الاجتماع للوصول إلى صيغة توافقيه واقعية تضمن وصول المساعدات إلى مستحقيها الفعليين، فقد أصبح البحث عن بيانات المستحقين سهلاً وميسوراً في ظل الثورة التكنولوجية التي تشهدها بلادنا – حرسها الله – حيث تكشف منصة أبشر والتوثيق الالكتروني كافة التفاصيل بدلاً من زيارة الباحث الاجتماعي للمنازل بصفة دورية.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *