الحمد لله رب العالميـن، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله محمد بن عبد الله الصادق الأميـن، وعلى آله وصحبه أجمعيـن، أما بعد: فتُنومة بني شَهر محافظةٌ سعوديةٌ، تُعد إحدى المدائن العريقة في بلاد رجال الحَجْر، وتقع تُـنومة جنوب غرب المملكة العربية السعودية في منطقة عسيـر على سلسلة جبال السـروات، وعلى بعد 125 كم تقريباً شمال مدينة أبها على طريق الطائف – أبها الاقليمي.
تشتهر محافظة تُنومة بنـي شَهر تاريخياً باسم (تُـنومة الزَهرَاء) التي عُرفت به منذ القِدم؛ حيث ورد ذكر هذا الاسم في القصيدة الاستسقائية الـمشهورة التي ورد ذكرُها في كتاب: (صفة جزيـرة العرب) لمؤلفه: الحسن بن أحمد بن يعقوب الشهيـر بالهمدانـي المتوفـى عام 334هـ، والتي نسبها لأحد الشعراء القدامـى، ويُسمى بأبـي الـحـيَّـاش الحَجْري، وفيها يقول:
ومن الطَّـودِ فـالرِّنـاماتُ خُـضْـرٌ ….. رُويَّـت فـالـتُـنُـوْمَـةُ الـزَّهْراءُ. الجديرُ بالذكر أن نمط هذه التسمية معروفٌ ودارجٌ على الألسُن في أنحاء مختلفة من عالمنا العربي؛ فالناس قد تعودوا إطلاق الألقاب المتنوعة على مُدنهم لأسبابٍ عديدةٍ تتعلق بجوانب حياتيةٍ مختلفة تاريخيةٍ، أو اجتماعيةٍ، أو اقتصاديةٍ، أو جُغرافيةٍ، أو غيـرها، ولذلك اشتُهرت بعض المدن بألقابها، ومنها: (تونس الخضـراء)، و(دمشق الفيحاء)، و(حلب الشهباء)، و(بغداد الزوراء)، …إلخ.
وهذا يعني أن (تُـنومَة الزَّهْرَاء) تسيـر في المسار نفسه. وحتى تكون هناك مصداقيةٌ في التناول فإن من الواجب أن لقب الزهراء ليس حِكراً على تُنومتنا الحبيبة؛ إذ إن الأنباء تُطالِعُنا بأن لقب (الزهراء) معروفٌ ومُتداولٌ في أكثـر مِن مكـانٍ في عالمنا؛ فهناك على سبيل المثال:
مدينة الزهراء الأندلُسية التي تبعُد عن قُرطبة أربعة أميال، والتي كـان قد بناها الخليفة: عبد الرحمن الناصـر لدين الله في سنة (325 هـ/936م)، وكـانت عاصمةً للدولة الأموية في الأندلس في عهده.
مدينة الزَهْرَاء إحدى مدن الجمهورية التونسية، ويُطلق عليها معتمدية على اعتبار أنها إحدى معتمديات الجمهورية التونسية، وتتبع لولاية بن عروس. وهـي مدينة ساحلية تُطل على البحر الأبيض المتوسط، وتقع في الضاحية الجنوبية للعاصمة
2- على بُعد (11 كـلم) منها. وكانت قد أُسِسَت عام 1909م زمن الاستعمار الفرنسي على سفح جبل. وأطلقت عليها سلطات الاستعمار اسم «سان جارمان»، وبعد الاستقلال غُيـرَ اسمها إلى «الزهراء» تكريماً للمناضل الوطني «الأزهر الشـرايطـي»، ويسكنها أكثـر من (30 ألف) ساكن.
زهراء مدينة نَصـر المصـرية الواقعة في الشّـرق من حي مدينة نصـر، إلى الشّمال الغربي من مدينة القاهرة الجديدة، وإلى الجنوب من عيـن شمس. وقد بُنيت زهراء مدينة نصـر في ثمانينات القرن العشـرين، وبناها الجيش المصـريّ، وهي عبارةٌ عن مدينةٍ سكنيّةٍ تم تخصيصها لضبّاط الجيش وعائلاتهم.
منطقة الزهراء بالكويت وهـي منطقةٌ حديثةٌ تقع في محافظة حَوَلِّـي الواقعة على ساحل الخليج العربي، سُميت بهذا الاسم نسبةً إلـى مدينة الزهراء فـي الأندلس؛ حيث إن هناك اهتماماً كبيـراً من حكومة الكويت بالتسمية بالأسماء الأندلسية، فيوجد مناطق باسم قرطبة، غرناطة، إشبيلية والأندلس. وتعتبـر منطقة الزهراء
من المناطق الحديثة والعصـرية والراقية.
بلدة الزهراء التابعة لناحية نُـبّـل في محافظة حلب في سوريا، وتبعدُ عن مدينة حلب (20) كم، كما أنها تشتهرُ بطقسٍ فَريدٍ من نوعه؛ فهي باردةٌ في الصيف مع هواءٍ عليلٍ جميلٍ، ويكون الشتاء فيها باردٌ جداً، ويعمل سُكانها بالتجارة والزراعة.
حي الزهراء، حيٌ سكنيٌ شعبـيٌ يقع على أطراف المدينة القديمة في حِمص، ويبعُد عن مركزها (ثلاثة كيلومتـرات)، يقع الحي في الجهة الشـرقية من مدينة حمص، ويعتبـر من الأحياء حديثة التأسيس في المدينة.
وليس هذا فحسب؛ فقد يكون هناك غيـر هذه الأماكن في أنحاء مختلفة من العالم حولنا، وفي هذا دليلٌ على أن هذا اللقب يحظى بشُهرةٍ واسعةٍ وقبولٍ كبيـرٍ عند الناس في أماكن مختلفةٍ من عالمنا.
وهنا أجد أن من المناسب أن أُسلط الضوء على المعنى المقصود من كـلمة ( الزهراء ) ليتضح معنى التسمية؛ فلقب الزهراء كما تُشيـرُ المراجع اللُغوية يـأتـي بمعانٍ عديدةٍ ومُتقاربةٍ، ومنها:
الزَهرَّاء : تُطلقُ على البياض، يُقال: رجلٌ أزهَرْ يعنـي أبيض عتيقُ البياض في حُسنٍ تامٍ كـأن نُوره يُزهِرُ كما يُزهِرُ السِـراج.
زَهْرَاءَ : هو اسمٌ مؤنثٌ عربـيٌ، ويمكن تعريفه بــ;، ويعنـي المضيـئـةُ، والمتـلألـئـةُ، وذاتِ الوجهِ المُشـرِق الصافـي. ومُذكّر زهراءَ أزهَر.
الزَهراء : اسمٌ عربـيٌ معناه “;المُضيئـة، اللامِعَة، النَاصِعَة، أو البَـاهِرة”;. ومن كُـل ما سبق يتضح أن المقصود بتُـنـومة الزهراء المدينة الجميلة الحَسناء المُزهِرة، ذات البهاء والصفاء والطبيعة المُشـرقة الصافية.
2 – ولعل مما يؤكد ذلك قول الشاعر: سعيد بن علي الطنيـنـي (رحمه الله) في وصفه لموطنه تُنومة:
هذي تُنُومة فانظُر في مرابِعِها ……. بدائع الحسن في شتى مجاليها
(هذي تُنُومةُ) إني لا أحيطُ بما ……. يفـي بأوصافها أو كُـلُّ ما فيها.
أما الشاعر الأستاذ: أحمد بن محمد الزيدانـي، فيقول في وصفه لتُنومة الزهراء:
هذي تنومة بالجمال تلألأت …….كـالبدرِ فـي الليــــل البهيم تبلــــورا
ضَاهت برُتبـتها العواصمَ واعتلت ……. هامُ النجومِ تألقاً وتحضُـرا.
وأخيـراً يأتي الشاعر: عبد الرحمن بن فايز بن مردوم ليؤكد كل ما ذُكر فيقول:
فتُــــنومَة الزَهراء أعذَبُ جُملةٍ ……. وللفظِها شَهدٌ يـزيدُ حَـلاها!!
أين المدائنُ من بَهاءِ جَمالها ……. من عِطرِها من زَهرِها ونَـداها.
أسأل الله تعالى لـي ولكم التوفيق والسدّاد، والهداية والرشاد، والحمد لله رب العِباد.
التعليقات