عندما تعود مريضاً أو تزور أحداً في منزله فإن للزائر حقوق وعليه واجبات، يستوي في ذلك مع صاحب الدار، قد لا يجد الزائر الترحيب الذي اعتاد عليه، أو يصدر من الزائر بعض السلوكيات التي تخدش الحياء رُبَّما تستدعي العتب أو طلب الزائر بالمغادرة، هذه السلوكيات تختلف حسب التربية الأسرية، والثقافة المجتمعية.
الأعراف والعادات والتقاليد في بعض المجتمعات رُبَّما ألقت باللائمة على صاحب الدار بالكلية، فقد وضعت للضيف أو الزائر منزلة فوق منزلته لا يجوز إخراجه مهما صدر منه من تصرفات، وينظر آخرون للقضية بمقياس آخر إما بتبرير الموقف أو ايجاد العذر لصاحبه؛ أما علماء الشريعة فإنها تُميِّز بين الضيف القادم من سفر الذي له حق الضيافة ثلاثة أيام، والزائر المقيم الذي يعتاد على الزيارة بصورة دائمة، فليست الحقوق متساوية للضيف القادم من سفر مع الزائر المقيم.
مصدر الخلاف بين تلك الفئات تربوي بحت، فالتعليم بالمدارس تأخَّر كثيراً في توجيه الناشئة، ناهيك عن غياب دور المنبر في التطرق ومناقشة فقه المعاملات، أما الإعلام فقد تصدَّر فيه الجُهال والعامة الذين يهرفون بما لا يعرفون مع اختفاء الصوت للمختصين في الثقافة الإسلامية والعلوم التربوية والاجتماعية بكل المنابر الإعلامية.
من القضايا التي أثارت الجدل مؤخراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي التدخين في المجلس، هذا لا يكون إلا بعد استئذان صاحبه، والإصرار على ممارسة هذا السلوك رغم التحذير من صاحب الدار فيه اعتداء على الخصوصية، يتطلب اتخاذ موقف حازم حتى بطرد صاحبه، فالتدخين مرض العصر، يتأذى منه غير المدخن أكثر من غيره نتيجة نفث الهواء الملوث في أرجاء المنزل؛ معظم الدول خصصت أماكن خاصة للتدخين، كما وضعت المحاذير على علب السجائر للتوعية بأضراره، ومنعت من التدخين في الأماكن العامة والدوائر الحكومية والمطارات وفرضت غرامات على المخالفين.
نعود للحديث عن الضيوف والزائرين، فالضيف كما أسلفنا هو القادم من سفر أو الآتي من مكانٍ بعيد، أما المقيم فيُسمَّى بالزائر، لا يليق أن يتردَّد على المنازل لزيارة أهلها إلا بعد إخبارهم أو بدعوة خاصة، وليطرق الباب ثلاثاً ويُسلِّم ويستأذن، وإن لم يؤذن له بالدخول فلا يدخل، لقول الله تعالى (وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم) النور 28، وللحديث النبوي الشريف ( الاستئذان ثلاثاً فإن أُذن لك وإلا فارجع) حديث صحيح.
ختاماً: للمجالس حقوق منها، الجلوس حيث انتهى بك المجلس، أو بالمكان الذي أراده لك صاحب الدار، لا يجوز فيها الغيبة والنميمة، ولا إطالة المكث والجلوس، ولا ينبغي في المجالس رفع الصوت، ولا احتقار ساكنيه أو الانتقاص من ضيافتهم، واحترام خصوصيتهم بالامتناع عن كل ما يؤذيهم، مع غض البصر، وترك مالا يعنيك من السؤال، ومعرفة حال صاحب الدار قبل الزيارة من حيث طبعه وطبيعته، فالأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، والمجالس بالأمانات.
التعليقات