صحيفة النماص اليوم – اخبار منطقة عسير :
.
مع دخول شهر رمضان يتذكر كبار السن في منطقة عسير خاصة من عاشوا فترة الستينات والسبعينات، أصوات موظفي الدولـــــة “المناديب” وهم يبلغونهم بدخول الشهر الكريم بصوت جهوري مرددين “أمسكوا يا مسلمين.. أمسكوا يا مسلمين ” أما القرى والهجــر البعيدة فكانـــــــــوا يراقبون إيقاد النار على قمم الجبال المرتفعة نهاية شهر شعبان، معتمدين عليها لمعرفـــــة موعدي الإمساك والإفطار خلال الشهر المبارك، قبل إدخال صوت المدفع الرمضاني في فترة السبعينات لإعلان أوقات الإمساك والإفطار.
وبحسب ما أوضحه الدكتور عبدالله الموسى الباحث والمهتم بالعادات والتقاليد في منطقة عسير فإن الاستعداد لشهر رمضان في بلدات وقــــرى عسير قديماً يبدأ من شهر شعبان حيث تزين النساء المنازل بالأصباغ الملونة وتنظيفها، إضافةً إلى طحن حبوب الذرة والدخـــــن وشراء كميات من التمور حسب القدرة المالية لتكون مائدة الإفطار الأساسية، ويردد الرجال هذا الحداء من باب النكتة على بعض النساء: طلا تصهرين البيت من نادريه… لابد حن في العيد ناتي نشوفه” كناية أن العيد سيكشف المستور أما الاهتمام الأكبر فقد كان للمساجد التي يتسابق المحسنــون في توفير بعض مستلزماتها البسيطة في تلك الأيام مثل صبغها بمادة “النورة” البيضاء والفرش التقليـــــــــــدي “الحنابل” وإنارتها بـ “بالفوانيس “والأتاريك المعبأة بوقود الكيروسين.
وقال كان الإعلان بدخول شهر رمضان المبارك في بداية السبعينات الهجرية في قرى منطقة عسير في الغالب يكون عن طريق مناديب الدولــة حيث يرسلونهم إلى القرى لإخبارهم بدخول الشهر وكان من ضمن الإعلام بدخول الشهـــــــــر الفضيل إيقاد النار على قمم الجبال المرتفعــــــــة والمتوسطة للبلدات والقرى والهجر وكانت هذه عادة متوارثة من قديم الزمن وكان يسمى في الزمن القديم “الكبيبة” وحول إشعال النار عليها للإعلام أورد الهمداني أبيات شعرية تغنى بها رجل أجنبي في حبيبته وقد جنة الليل في بلد بني شاور فقال “نظرت وقــــد أمسى المُعِّيل دوننا… فعيَّان أمست دوننا فطمامها”.. “إلى ضوء نار بالكبيبة أوقدت… إذا ما خبت عادت فشب ضرامها”، حيث إن الأهالي لا يغيرون ساعتهـــــــــــم البيولوجية فهم يزاولون أعمالهم في مزارعهم وفي رعي أغنامهم مثل بقية الشهور دون كلل أو ملل والتكافل الاجتماعي فيما بينهم علامــــــــة بارزة ليس لها حدود فهم يتهادون الألبان والخبز والسمن على شحها، فيما “المدول” وهو الشخص الذي يفرق ضيوف القريــــة وأبناء السبيل بينهم بالتساوي يقوم بعمله بتوزيع الغرباء على منازل القرية.
وفي خضم حديثه عن الذكريات الرمضانية تذكر الموسى واقعة طريفة قصتها له والدته حول وصول مندوب الدولة لقريتهم بمحافظــــــــة سراة عبيدة وقت صلاة الظهر ليعلمهم بدخول الشهر المبارك وتصادف ذلك أثناء ذهابها إلى المزرعـــــة بغداء للوالد وشقيقــــــه قالت فلما رأى عمك الموظف مقبلاً من بعيد ما كان منه إلا أن أقبل مسرعاً نحوي وأخذ خبزته فالتهمها مع حفنــــة ماء قبل أن يبلغهم الموظف بدخول شهر رمضان المبارك.
.
التعليقات