يا صورةٍ لو شابها أي تشويش .. ترا غبار المرحلة زَيّن ابها – هكذا كنا نجمع الذكريات ونحرص عليها. يروى أن أحد الجماعة قال ذات يوم من باب المزاح ( الحمدلله لا أقرأ ولا أكتب،!! ) وله مآرب اخرى لا شك، في حقبة ماضية كان مسمى الرسالة ( خط ) يقول أحدهم للآخر المتعلم فلان تعال اكتبلي خط برسله لولدي في مكة، وعندما تأتي رسالة من أحد المهاجرين يأتي حاملها مبشراً أبشر يافلان أبشر جالك خط، فيرد عليه المعني بها أو المُرسلة له؛ أبشر بكذا وكذا ويسمي له ( جعلا ) أي هدية أو عطية من حب او نقود او ما تيسر..
ثم يفتلي عليه الخط “الرسالة” يفتلي يعني يقرأ ويقول “فلان يقريك السلام” هذه العبارة نجدها كثيراً في مراسلات الخلفاء والصحابة والدواوين، أي يقرئك السلام و”القرئ” هو حسن الضيافة فالمحصلة للمعنى العام، او يسلم عليك بمعناها القريب، حصل وأن حمل المهاجرون للمدن الكبيرة معهم “قمرة او كاميره فورية او أخرى تحميض” لتوثيق الذكريات، من المؤسف أن البعض عندما يتصفح تلك الصور يستحي منها ويستعيب، بينما هو في ذلك العهد كان في أفضل أيامه..
( وتلك الأيام ) في يوم التأسيس الذي يوافق 23 من فبراير من كل عام، أحببنا الصورة المغبرة والصورة التي يعلوها التراب وأخرى مكسورة وأخرى مقطوعة وتصفحنا حقبة زمنية كانت منطلقا للنور وللحياة الرغيدة وللعلم وللإيمان ولصفاء العقيدة، نترحم على كل من سعى مجاهد لترسيخ الأمن والأمان ولرسم هذه الحدود الفاصلة بيننا وبين الخزعبلات والفوضى والجهل والظلام والفقر، رحم الله الإمام محمد بن سعود آل مقرن..
ومن معه ممن أسس هذا الكيان العظيم – المملكة العربية السعودية – لقد أعاد لنا يوم التأسيس حب الحشمة وحب القيمة العظيمة وهي ( أيام وأفعال واعتزاز جدي بذاته وبمقدرات بيئته وكيف عاش على شظف العيش غنيّ النفس أبيّ الطبع، علمنا الإعتزاز بقيمة الماضي وبالصورة التي اغبّرت عبر الزمن فجاهدت وكابدت لتبقى حية ليأتي لها ذات يوم من ينفض غبارها كما فعل الأمير “محمد” سمي ذلك الجد الأول وشبيه، محمد بن سعود، هذا الجيل هو جيل الصورة والمحاكاة وابتكار الأفضل..
تتلمذ الطفل على يد معلمته فألبسته الثوب المرودن والمقصب والبشت وجعلت في يده السيف او الخنجر او العصا، همست في أذنيه هكذا كان جدك يابطل، وفي صورة أخرى أخذت ساره زوجها وأولادها وذهبت للصحراء واغبرت أقدامهم ولفحت وجوههم الشمس والرياح وصعوبة الصحراء وأخبرت العالم أنا كنا بهذا الصبر والتحمل والستر والحشمة ولم نحسد أصحاب النعمة من حولنا ولم ننقم عليهم..
وفي صورة أخرى أخذ فيصل أبناءه وحمل “عيبة” التمر وأخذ المد وألبسهم ملابس الأجداد في الأحساء ثم أرسلهم يوزعونه على الجيران ليخبر أبناءه والعالم أننا كنا نتقاسم اللقمة ويحمل غنينا فقيرنا وصحيحنا سقيمنا، كنا وأصبحا وسنكون بحول الله كما رسم لنا محمد بن سلمان – حفظه الله – ، رؤية واضحة ننظر منها للأفق نسير بسرعة الصاروخ للأمام ونلتحف الراية الخضراء بعقيدة التوحيد والسمع والطاعة والولاء، ونتسلح بالعلم بالعلم بالعلم والإيمان، ونرتدي حشمة الآباء والأجداد، ونكتحل بالألفة والجماعة والمحبة.
التعليقات