تتزايد أعداد السكان عاماً بعد عام في كل دول العالم حتى الدول المتأخرة اقتصادياً رغم الكوارث الطبيعية والحروب والأمراض التي تقضي على عدد كبير من البشر، ومع كل هذا نجد أن كثرة المواليد يفوق عدد الوفيات، ما يدل على أن الرفاه الاقتصادي وتوفر المعيشة والرعاية الصحية في معظم الدول قد كان لها أبلغ الأثر في هذه الزيادة.
اللافت للنظر أن هذه الزيادة في عدد السكان تركزت في كبرى المدن نظراً لتوفر مقومات الحياة ( المستشفيات – الجامعات – الوظائف – الخدمات) فكان لابد من هجرة سكان الأرياف للمدن والذي نتج عنه كثافة سكانية هائلة كان من نتائجها الضغط على الموارد الاقتصادية بالإضافة للمخاطر الأمنية والتلوث والازدحام وغيرها من المشكلات الأخرى.
بلادنا حباها الله بالخير الوفير ليس على أبنائها فحسب بل حتى على الوافدين الذين ينعمون بالاستقرار في هذا البلد ويستفيدون من خيراته، إلا أن النهضة التي تشهدها المدن الكبرى قد أفرغت البوادي والهجر والقرى من سكانها، وقد كان لهذه الهجرة تبعات ليس على المدن وحدها بل حتى على القرى والأرياف حيث تلاشت حرف متعددة كالرعي والزراعة والمهن اليدوية والصناعات التقليدية.
ولعل القارئ يرى كيف تناقلت وسائل الاعلام المختلفة شكوى المواطنين بعد العودة إلى أعمالهم في مدينة جدة تحديداً وهم يناشدون وزارة الموارد البشرية والمرور بحل مشكلة الازدحام المروري الذي يواكب عودة الطلاب إلى مدارسهم وهو ما أدى إلى التأخر عن أعمالهم.
إن ما تشهده مدينة جدة حالياً من تطوير وتحديث للبنية التحتية كان أحد أسباب هذا التكدس والازدحام المروري والذي يمكن أن تتم معالجته بشكل تدريجي من خلال تنمية المحافظات المجاورة لمدينة جدة كـ ( الليث والقنفذة ورابغ ).
ومن المقترحات العاجلة اغلاق الجامعات في مدينة جدة عن قبول المزيد من الطلاب والطالبات وإتاحة الفرصة لهم لإكمال دراستهم في المحافظات المجاورة لتقليل الضغط على الحركة المرورية في المدينة ولو بشكل مؤقت، إضافة إلى تشجيع رجال المال والأعمال بالاستثمار في تلك المحافظات وتسهيل كافة الإجراءات في هذه المجال وهو ما سوف يساهم في تنمية تلك المحافظات على المدى البعيد.
ختاماً: ليس من سبيل لحل مشكلة الاكتظاظ السكاني في المدن إلا بنقل المشاريع والخدمات للمحافظات المجاورة لفك الاختناقات والازدحام عن المدن، إضافة إلى زيادة التنمية الريفية المستدامة بإنشاء مشاريع كبرى لخدمة السكان تضمن عدم نزوح سكانها بالهجرة للمدن الكبرى التي تنعم بالخدمات المتعددة.
التعليقات