لفت نظري عندما زرت إحدى الدول في شرق آسيا وجود حي خارج نطاق المدينة يطلق عليه “حي الدوائر” وهو عبارة عن مجموعة من المباني المخصصة للدوائر الحكومية في مكان واحد أشرفت على بنائه وزارة الاقتصاد والتخطيط في تلك الدولة.
وعند القيام بجولة في ذلك الحي شاهدت أربعة شوارع بمسارات مستقيمة بطول 2 كيلو متر تقريباً يكتنفها على الجانبين مباني تتفاوت في الشكل والحجم بحسب طبيعة تلك الدائرة، ناهيك عن وجود مساحة مزروعة في وسط الحي خصصت كحديقة عامة، مع مباني أخرى أصغر حجماً عبارة عن مكاتب خدمات وبوفيهات ومقاهي لخدمة هذه الدوائر، وفي ظرف خمس دقائق كنت قد طوفت على تلك المباني كاملة دون وجود عوائق تذكر فلا وجود للزحام في الشوارع ولا ضجيج أو ملوثات، مع توفر مواقف لسيارات الموظفين والعملاء بشكل كافي.
وبعد أن انتهت تلك الجولة تأملت في أحوالنا، فأينما يمًمت وجهك في كافة المناطق والمحافظات وفي أثناء البحث عن الخدمة تتفاجأ بالمباني المستأجرة لتلك الدوائر متناثرة في كل مكان، قلًما أن تجد مبنى تم بناؤه لصالح تلك الدائرة، فقد أثرى رجال المال والأعمال مستفيدين المليارات من وراء تأجير تلك الدور للمنشآت الحكومية بإيجار محدد يقدر بين (200- 500) ألف ريال سنوياً لكل منشأة ، كان كافياً لإنشاء مثل تلك المنشآت لصالح الدائرة وامتلاكها المبنى خلال أقل من عشر سنوات.
إن وجود تلك المنشآت داخل النطاق العمراني كما هو الواقع في الوقت الحاضر ومع كونها مستأجرة تستنزف موارد مالية هائلة كل عام، ناهيك عن المشقة التي يعاني منها المواطن عندما مراجعة تلك الدوائر المتباعدة عن بعضها، وعدم توفر أماكن للوقوف نظراً للإزدحام داخل المدينة.
آن الأوان بالتفكير ملياً في إنشاء مثل تلك المجمعات لإدارات الدوائر الحكومية في مكان واحد خارج النطاق العمراني بمواصفات هندسية تراعي طبيعة المبنى وقابلة للتوسع مستقبلاً حتى يتسنى وصول المستفيد للدائرة بسهولة، والحصول على الخدمات من كافة الدوائر في زمن قياسي، ناهيك عن إيقاف الهدر المالي اللازم للتأجير كل عام أسوةً بغيرنا من الدول المتقدمة.
التعليقات