الأربعاء ٢١ مايو ٢٠٢٥ الموافق ٢٤ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

المشروع الحلم – بقلم الكاتب أ. حسن علي العمري

المشروع الحلم – بقلم الكاتب أ. حسن علي العمري

 

من البشائر الجميلة التي تم إطلاقها مؤخرًا إنشاء شركة السودة للتطوير برأس مال وعائد استثماري متوقع ملياري، أتى ذلك كبذرة أخرى لبداية التطوير السياحي الممنهج والعلمي كأحد المشروعات في عقد الأحلام العملاقة التي نراها تسير بخطوات جبارة قانصة لفرص استثمارية تنموية سياحية مبهجة ستكون محط الإعجاب والفخر مستقبلاً، هذه الفكرة الخلاّقة ستكون قفزة واثقة في سبيل استغلال كنوز الأرض المباركة وإظهار جمالها البهي ما عٌلم منه وما لم يعلم، حتى تصبح جوهرة تسر الناظرين عندما تجمع بين الأصالة والمعاصرة من خلال تطوير المناطق المستهدفة للمشروع بإنشاء المشاريع الجذابة مع الحفاظ على المقومات البيئية الطبيعية التي حباها الله لهذه الأرض، لتتحول إلى وجهة ومزارات عالمية ذات أثر ملموس على الحركة الاقتصادية للدولة وللمواطن على مختلف الصُعد من خلال تطويرها واستثمارها.

ومع توافقنا على أهمية مثل هذه المشروعات وأثرها المستقبلي والتي كنا نتمناها واقعًا ملموسًا منذ عدة عقود، إلا أن ما يجب مراعاته في ظل ذلك هو واجب المحافظة على البيئة ومكوناتها وتنميتها في مواقع هذه المشاريع ومحيطها والعمل على بناء ما يمكن منها أن يكوّن الأثر البيئي كعمل أساس لتطوير المكان وأن يأخذ حقه وقيمته المفترضة باستزراع النوعية الموجودة بذات التركيبة الأرضية وتنميتها وتنويعها، وأعتقد جازما بوجود تلك الفكرة حاضرة في أذهان القائمين على ذلك المشروع النقلة، هذا المشروع يجب التوسع فيه مستقبلاً بذات الفكرة وبطريقة متوالية ليشمل المنطقة الممتدة من ظهران الجنوب حتى الطائف وكذلك المواقع المشابهة لها من مناطق الجذب بمنطقة جيزان لما حباها الله من تنوع فريد، مع ما يفترض أن يتزامن مع انطلاق تنفيذها وفق – جدول زمني دقيق –

مع تحقيق عوامل الجذب الأخرى المكملة لهذا الحلم – كمنظومة لا تقل أهمية عن فكرة المشروع وأهميته – لتوفير كل ما يحتاجه السياح من الخدمات الأساسية والمساندة وفق برامج معلنة ومحددة يراعى فيها التفاوت في المستويات والإمكانات التي تتناسب مع كل شرائح المجتمع، وأن يتولى إدارة وتنظيم ذلك شركات متخصصة وخاضعة لرقابة جهة الاختصاص سعياً للتطوير والارتقاء والاستقطاب مع حفظ حقوق جميع الأطراف في المنظومة السياحية وتحديث التشريعات اللازمة لذلك بعيداً عن الاجتهاد الشخصي، ولكي تكتمل الصورة بشكل بهي فإن عوامل الجذب لهذه المواقع لها طابعها الهام والحاضر في كل مواسم السنة فيما يتعلق بالأسعار واكتمال الخدمات المساندة الأخرى..

ولعل أهمها النقل بكافة صوره وأنواعه كالنقل الجوي وشبكة الطرق ووسائل النقل المختلفة الرابطة بين منطقة عسير وباقي مناطق المملكة، وتظل الطرق الرابطة بين منطقة المشروع وباقي المناطق هي الشريان المغذي والداعم للفكرة فالموجودة منها حاليًا وبالذات العقبات أو العقاب الأهم ( ضلع ، شعار ، الصما ) أصبحت بحاجة ماسة لإنشاء رديف لها كون أعمارها الافتراضية ناهزت على الانتهاء، مع ضرورة التركيز على سهولة التنفيذ لتلك البدائل وتلافي ملاحظات القديم في المنحدرات والمنعطفات وبسط الرقابة المرورية عليها تلافياً لمزيد من الحوادث والوفيات التي لا تكاد تخلو منها طرقاتنا بشكل شبه يومي.

وهنا تساؤل مهم أطرحه لوزارة النقل فيما يتعلق بالنقل البري المشار اليه في صلب المقال داخل منطقة عسير ولنأخذ مثلاً الطريق الموصل بين أبها والسودة، والطريق الرابط بين النماص ومحافظة المجاردة عبرعقبة الملك عبدالله، ماهي أسباب تعثر هذين المشروعين لعقود من الزمن دون سبب واضح ؟ لماذا لا نستعين بالشركات الأجنبية والمتخصصة والتي كان لنا معها تجارب قديمة مميزة وكانت ولازالت الى اليوم أعمالهم شاهدة لهم لأكثر من أربعين عاما بعد فشل الغالب الأعم من الشركات الوطنية في هذا المجال؟

إذا ما علمنا أن القيادة العليا للدولة لا تألوا جهداً في تذليل كل المصاعب وبذل الإمكانات اللازمة لمثل هذه المشاريع البنيوية الحيوية، فقد حان الوقت بتظافر كل الجهود لاستغلال الإرث الطبيعي والتاريخي لتحويل هذه المناطق لمراكز جذب تنموية مستدامة في ظل ما تتمتع به من الاختلاف والتنوع والتعايش والطبيعة والثقافة التي تشكل في مجملها وكل تفاصيلها منظومة لقاء الطبيعة وعبق الانسان ورسوخ المكان وضخامة الموروث، فماذا نحن فاعلون؟

 

          

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *