أن يخون الشخص صديقة، أو يخون زوجته، أو يخون شخص ما، وعلى الرغم أن ذلك أمر مذموم وغير لائق دينياً وأخلاقياً، إلا أن آثار ذلك تبقى محدودة وفي نطاق ضيق، حيث أن تبعات هذه الخيانة تتعلق بشخص واحد وآثارها نفسية أكثر منها جسدية أو مادية، وفي هذا الإطار قد تبقى هذه الخيانة أمراً شخصياً إلى حد ما.
لكن هناك خيانة عظمى، وأمر جلل وهو عندما تتوجه هذه الخيانة إلى الوطن ومقدراته. فهذه الخيانة تمثل أدنى وأسفل أنواع الخيانة وأعظمها أثراً مدمراً، لتعدي أضرارها شخص الخائن إلى الإضرار بالوطن، وامتداد آثارها لتصيب الكثير من المقدرات الوطنية، وعلى رأسها الإنسان، والذي قد يكون أقرب قريب للخائن.
فعندما يرتكب الخائن خيانته لوطنه، يكون قد باع نفسه للهوى والشيطان، ولم يعد لديه ذرة مسؤولية يمكن أن تشفع له بالحياة، فهو بذلك لا يراعي أي مسؤولية، بل دافعه الأنانية والمصلحة الشخصية، ومن وراءها الدمار والموت. إن إنزال أقسى العقوبة على ذلك الخائن، هو الشيء اللائق به وأمثاله، ويجب على الجميع إن لا ترف أعينهم حزناً عليه، لأن خيانته لو لم تكتشف لربما كان ضررها جسيما ولكانت آثارها مدمرة.
علماء النفس لم يستطيعوا أن يضعوا تعريفاً للخيانة، بل يمكن وصفها بأنه نقض العهد وخيانة للأمانة، وضرب للثقة، ناتج عن صراع نفسي مرضي، ويكون ذلك في السر والخفاء. وحد ما بين المجتمع والخائن قوله تعالى: ” وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ : (58) الأتفال
فالخائن بخيانته لوطنه يكون قد نقض العهود والمواثيق، وانتقل بموجب ذلك إلى صف الأعداء، فيصح بحقه ما يصح بحقهم، وينفسخ العهد والميثاق معه، فلم يعد له معنا عهد ولا ميثاق، ولم يعد له حق في المرافعة والمدافعة بعد افتضاح أمره، لرفع ذلك عنه من قبل المولى عز وجل، قال تعالى: ” ولا تكن للخائنين خصيماً ” إلا أنه يمكن قبول دفاعه في حال سلم نفسه وأبلغ عن جرائمه قبل انفضاح أمره، ولم يظهر لخيانته أي أضرار.
حمانا الله وإياكم من هذه الآفة الخبيثة، وحمى بلادنا من شر الأشرار وكيد الفجار.
التعليقات