الثلاثاء ٢٢ يوليو ٢٠٢٥ الموافق ٢٧ محرم ١٤٤٧ هـ

فلنرتق بتعليمنا – بقلم الكاتب أ. محمد بن عبدالله شاهر

فلنرتق بتعليمنا – بقلم الكاتب أ. محمد بن عبدالله شاهر

 

لا شك أن الأمم بمختلف توجهاتها، دائماً ما تسعى لتنشئة أبنائها تنشئة حسنة، متطلعة إلى الامتياز.. وتعليمنا ليس ببدع عن غيره من المؤسسات التعليمية العالمية. لكن ما يدعو للقلق والحيرة، هو الصرف المتضخم على التعليم، والذي لم تقصر الدولة في توفيره، على مدى عقود من الزمن على أمل أن ترى من مناهجنا وأبنائنا محل نظر العالم والمثل الذي يشار إليه بالتميز. إلا أن ما نراه من مخرجات لا يبشر بخير فالجامعات تخرج الآلاف سنوياً، لكن المتميزين ربما نستطيع أن نعدهم على الأصابع، وتميز الكثير منهم ليس بسبب المناهج أو المحاضرين، بل الكثير منهم، كان تميزه بسببه هو وبسبب اجتهاده وبحثه ومثابرته.. إذا: أين الخلل يا ترى؟

الشيء الذي لا شك فيه أن إدارات التعليم المتتابعة تعمل جاهدة وفي كل الاتجاهات لحل هذه المعضلة الأزلية في تعلمينا واللغز الذي حارت أمامه العقول.. لكن ما بمكنني قوله حول هذه المسألة، هو الاستشهاد بقول إينشتاين القائل: الجنون هو أن تفعل نفس الشيء مرة بعد أخرى وتتوقع نتائج مختلفة.. إن ما نشاهده من مخرجات لتعليمنا لهو دليل مؤكد على مقولة إينشتاين، وهو أننا نعمل ذات الشيء عاماً بعد عام ونتوقع نتائج مختلفة.

إذا ما العمل؟ .. ليس عيباً أن يستفاد من تجارب الدول الناجحة في التعليم، من خلال ابتعاث مجموعة من المتميزين للدراسة في تخصص بناء نظم التعليم إلى تلك الدول، مع إعطائهم الدعم الكامل للخروج بنتائج إيجابية مختلفة يمكن أن تنقل تعليمنا من المؤخرة إلى المقدمة، وأقرب مثال يمكن الاستفادة منه: هو نظام التعليم الفنلندي، الذي أبهر العالم بأدائه المدهش والرفيع في الاختبارات الدولية منذ ديسمبر عام2001م وحتى اليوم، وبترتيبها المرموق في التنافسية الاقتصادية، وانجازاتها الباهرة على صعيد الشفافية والرفاه العام، وجودة الحياة ومستوى المعيشة، والذي جعل وكالات التنمية الدولية والشركات الاستشارية ووسائل الإعلام، والباحثون التربويون وخبراء التعليم والاقتصاد يشرعون بالتنقيب في أسباب هذا التحول المفاجئ والمدهش واللافت للنظر.

إذا: ما هي قصة التعليم الفنلندي، الذي وصف بالمعجزة التربوية.. قصة التعليم الفنلندي ترجع إلى فكرة ابتكرها د. باسي سالبرغ، الأستاذ الزائر في كلية الدراسات العليا التربوية في جامعة هارفارد والمدير العام السابق لمركز التعاون والحراك الدولي في وزارة التعليم والثقافة الفنلندية، وصاحب كتاب ” الدروس الفنلندية ” الذي تضمن قصة النجاح التعليمي الفنلندية، والتي قامت على أمرين: بناء اقتصاد جيد. والمحافظة على ثقافة البلد. ثم شرع في شرح كيفية بناء تعليم مميز من خلال تبنية مصطلح ” جراثيم التعليم العالمي” والمتمثلة في :

1- كثافة المواد
2- كثرة الاختبارات
3- طول فترة اليوم الدراسي
4- الواجبات والدراسة المنزلية
5- التشدد في محاسبة الطالب والمعلم

فهو يرى أن هذه الممارسات غير تربوية “جراثيم قاتلة” تؤثر سلباً على المعلم والطالب على حد سواء، فهي ترهق المعلم بكثرة الالتزامات والواجبات التي تشل فكره وتحد من إبداعه وبالتالي إضعاف عملية التعليم ككل. وهذا للأسف ما يعاني منه المعلمين والطلبة والأسر على حد سواء.

إذا ما هو الحل؟ .. هل نقوم بالاستفادة من هذه التجربة وغيرها من التجارب الناجحة من خلال الاطلاع على نظم التعليم المتطورة لتلك البلاد والاستفادة منها وتطوير منظومتنا التعليمية الممكنة التنفيذ، أم نستمر في محاولاتنا ا ليائسة البائسة والتي لم تثمر إلا تردياً وتراجعاً في مستوى تعليم أبنائنا.

العقل والمنطق، يقول بضرورة الاستفادة من أي تجربة ناجحة، والعمل على بلورتها لخدمة الأهداف المرجوة، مع إعطاء أصحاب الفكر والمبتكرين فرصة المشاركة، ومساعدتهم على تطبيق الصالح من رؤاهم واقتراحاتهم، والابتعاد عن الاجتهادات التي في غير محلها، نحن في عصر العلم والبحث والدراسة، لكن المسألة تحتاج إلى الصدق والمبادرة.

عندها سنرى الشباب السعودي في غضون سنوات معدودة، محلقين بتعليمنا إلى أعلى المراتب، بنتائج تعليمية مميزة، تسعد كل من يهمه أمر هذا البلد الكريم.

دمتم ودامت أفراحكم
أخوكم / محمد بن عبدالله شاهر
M1shaher@gmail.com

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *