الأربعاء ١٤ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٧ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

اسرائيل والمصالح العربية ! – بقلم الكاتب أ. محمد أحمد آل مخزوم

اسرائيل والمصالح العربية ! – بقلم الكاتب أ. محمد أحمد آل مخزوم

 

يعاني الشعب الفلسطيني من الشتات حتى في الداخل الفلسطيني، فبالإضافة إلى كونه يقاوم الاحتلال ويدفع نظير ذلك الدم، فهو على أرضه في سجنٍ كبير إن لم يكن بداخل سجون الاحتلال، ومع هذا لم يتأثر الاحتلال بقطيعة العرب له طوال سبعين عاماً مضت. سبعون عاماً من الكفاح غير المسلح للفلسطينيين وهم يدفعون الدم، ويقاومون بصدورهم العارية آلة البطش الاسرائيلية، والعالم من حولهم يتفرج دون أن يتدخل لنجدتهم أو الوقوف معهم، فقد تُرِك المسجون للسجان يفعل به ما يشاء.

عندما يسمح لك السجان بزيارة السجين وتمتنع عن زيارته بدعوى قطيعة السجان أو عدم التعامل معه، فهذا يعني أنك قد سجنت نفسك مع السجان والسجين. لا تعرف السياسة العداوة ولا الصداقة للأبد، وليس ما يمنع من تبادل المنافع بين شعوب الأرض قاطبة، ولغة المصالح في الوقت الحاضر أضحت هي اللغة المشتركة، فالجميع يسعى لتحقيق هذه المصالح على كافة المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. ليس من سبيل لنصرة الشعب الفلسطيني المقاوم إلا بالقرب منه، والوقوف بجانبه ودعمه، وتكثير سواده، وهذا لن يتحقق إلا بفتح الحدود الجغرافية المغلقة التي زادت من عناء هذا الشعب المغلوب على أمره.

إن إقامة العرب والمسلمين للعلاقات مع اسرائيل ( كباقي دول العالم ) من شأنه أن يكون المدخل لنجدة الشعب الفلسطيني، فليس أروع من تلك اللحظة التي يرى فيها الفلسطيني الشجاع الذي تمسك بأرضه ذلك العربي المسلم وهو يقف بجواره يدعمه بكافة أوجه الدعم.
لغة المصالح المشتركة بين العرب والمسلمين من جهة واسرائيل من جهة أخرى سوف تسمح بالآتي: 

زيارة المسجد الأقصى أولى القبلتين للصلاة فيه واستشعار البعد الديني وكسب الأجر والثواب.
زيادة المنافع للشعب الفلسطيني قدر المستطاع والتقليل من الأضرار الناجمة عن الاحتلال لوجود قنوات الاتصال.
تبادل المنافع التجارية والزراعية والصناعية بين اسرائيل وباقي الشعوب العربية والمسلمة.
سحب الذريعة من إيران كعدو متربص بالعرب من أنَّ ما تقوم به داخل الدول العربية في الوقت الحاضر إنَّما هو من أجل القضية الفلسطينية، إذ لم يعد هناك ما يبرر تدخلها في الشأن العربي على وجه التحديد.

إنَّ أُس وأساس معظم الصراعات التي تشهدها منطقتنا العربية على وجه التحديد هي “القضية الفلسطينية”، والتمركز حول الذات دون التفكير بعمق خارج الصندوق من شأنه أن يكون عاملاً مهدداً لكل شعوب المنطقة، وسوف يدفع بالمزيد من الصراعات والفتن والقلاقل في منطقتنا العربية التي لم تعد تتحمل المزيد من هذه الصراعات. 

إن المقاطعة في الزمن المعاصر دليل الضعف سيما والعالم يتجه نحو تنويع مصادر الدخل والاستفادة قدر المستطاع، فالسياسة فن الممكن، والاتجاه نحو التحالفات مع العدو الأقل ضرراً لدفع الأعلى ضرراً هو السبيل لقطع الطريق أمام طوفان من المشاريع الاستعمارية الجديدة في المنطقة، فإيران لها أطماع بالاستحواذ على ما تبقى من البلاد العربية عبر الميليشيات التي استطاعت من خلالها بسط نفوذها والتحكم بمواردها في العراق واليمن وسوريا ولبنان؛ أما تركيا الحديثة فهي تسعى لإعادة الحلم العثماني الغابر بالسيطرة على ما تبقى من البلاد العربية والتحكم بمقدراتها في سوريا والعراق وليبيا بعد أن سعت لشق الصف العربي وأثارت الفوضى عبر أذرعها الإعلامية التي تدار من دولة قطر. 

الخطوة الجريئة للإمارات بكسر الجليد وإقامة علاقات متينة مع اسرائيل كان قراراً تاريخياً بامتياز سوف يؤسس لمرحلة أخرى من التعاون الوثيق سيما مع وجود عدو مشترك يتربص بالخليج واسرائيل معاً بعد أن أحاط الأعداء بالجانبين من كل حدب وصوب، ولعله يكون دافعاً لتحقيق السلام المنشود في المنطقة بعد عقود من القطيعة التي أضرت بالشعب الفلسطيني في الداخل في غياب الوسيط النزيه الذي يمكن أن يكون حلقة الوصل في انهاء النزاعات بالمنطقة العربية.   

لم يكن عقد نبينا الكريم لصلح الحديبية في مكة مع قريش والتي منعت فيها النبي ومن معه من الدخول الى مكة إلا في العام القادم، والمعاهدة مع يهود المدينة للحماية من خطر قريش والقبائل المتحالفة معها إلا أنموذجاً يحتذى لمصافحة القوي دون مواجهته، فالتاريخ يعيد نفسه ولنا فيه العبر… فلنقتفي الأثر. 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *