الأربعاء ١٤ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٧ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

فتحوا النوافذ – بقلم الكاتب أ. عمر عقيل المصلحي

فتحوا النوافذ – بقلم الكاتب أ. عمر عقيل المصلحي

 

عندما يشرع الإنسان في بناء منزل العمر، يأتي بالورق، والقلم الرصاص، ويبدأ يرسم رسماً كروكياً يُظْهِرُ فيه تصوره المبدئي للمنزل؛ فيبدأ يوزع الغرف بين غرف نوم رئيسية، غرف استقبال، دورات مياه، صالات، بلكونات … ويعمل هذا كله بكل سهولة دون أن يرفع يده عن الورق…

حتى إذا وصل النوافذ، مرة يرسم، ومرة يمسح، إنه في حيرة من أمره؛ لذلك يجعل الأمر شورى؛ يستدعي الأم، ينادي الأب، يجتمع بالزوجة والأبناء الكبار، يأخذ رأي، ويصادر آراء، حتى يصل إلى الحل الذي يقتنع به وكُلَّ الأطراف… هذا ما يحدث في البناء المادي المحسوس، الذي يكون فيه مساحة، في الأخذ والرد، والشطب والتعديل.

لكن هناك بناء في غاية التعقيد، يحتاج إلى بناء معرفي جيد، وخبرات موثوقة، محكمة بمقاييس مقننة، ثبت صحتها بعد إخضاعها للتجارب الواقعية. إنه بناء الشخصية الإنسانية السوية، فنوافذ هذا البنيان، يجب أن تحدد أماكنها، ومساحتها من قبل الإنسان نفسه، فهو الذي يملك القرار النهائي وحده، وإن طلب رأياً أو مشورةً ممن يثق بهم؛ فيفتح نافذة جنان فعل الخيرات، وسبل الطاعات، الذي يقربه من خالقه سبحانه وتعالى؛ لينال خيري الدنيا والآخرة..

يفتح نافذة حب الناس، مساعدتهم، حفظ أعراضهم، أسرارهم، يفتح نافذة التفاؤل، رسم المستقبل الواعد، قريب المدى، طويل المدى، يفتح نافذة خفض جناح الذل للوالدين وطاعتهما في غير معصية الخالق، يفتح نافذة صلة الرحم؛ فَيَصِل حتى من قطعوه، يفتح نافذة السعادة؛ فيسعى إليها ولا ينتظرها، ينظر دائماً إلى الأمام، ويدع الالتفات إلى الخلف … لهذا أنادي من منبري … وأقول: افتحوا النوافذ !!

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *