مثل سائد عندنا في الديرة تناقلوه الرعيان والسكان وأصبح مضرب المثل في المواقف البطولية والمثالية والتضحية.. تعود تفاصيل القصة إلى قرية صغيرة قبل أعواما مديدة .. حينما هاجر ذلك الشاب طامعاً في البحث عن عمل والحصول على قوت يومه وأهله.. مخلفاً وراءه والده الطاعن في السن وزوجته وأبنه.
رحل ذلك الرجل وأهله من خلفه في أحسن حال.. وما لبث حتى سائت حالة والده لكبر سنه .. ثم باغت أهل القرية الطاعون فمات منهم من مات رحمهم الله… اجتمع أهل القرية وعقدوا عزمهم على الرحيل والهجرة من القرية للابتعاد عن بؤرة المرض.. ولكن أهل القرية احتاروا في ذلك المسن والد الشاب المهاجر.. فلا يوجد لديهم رحول لحمله ( أي بعير يحملونه عليه ).. حيث كان لكل عائلة رحولها التي ستحمل أثقالها ولن يستطيع أحدا التضحية لحمله.
سمعت زوجة الرجل “المهاجر” بما اتفق عليه أهل القرية.. فذهبت لوالد زوجها وأخبرته بأنها لن تغادر هي وابنها مع أهل القرية وتتركه بمفرده ينتظر أجله المحتوم.. أو تهجم عليه السباع أو الذئاب لتأكله وتنهش جسده النحيل وهو في مرضه… أصر ذلك الرجل المسن أن تنجو زوجة ابنه وحفيده ويلحقوا بأهل القرية وألزمهم بالرحيل ويتركوه وحيداً .. فذهبت وهي مرغمة كارهه.. فتوادعت منه بحسرة وألم.. وقال لها مقولته المشهورة :
بمعنى أني قد أحسنت اختيار النسب وأخوال الأولاد .. وأنا على يقين بأن ابني سيعود لحملي واللحاق بكم قريبا.. والأصل المتين والبيت الطيب كالشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء… ما لبث ذلك الشاب حتى سمع بانتشار الطاعون في قريته حتى عاد مسرعا مهرولا برحوله لأبيه .. وما هي إلا بضعة أيام حتى وصل إليه .. فتعانقا وبكيا بكاءً شديداً .. وقال الابن لأبيه ما حملك على البقاء ولماذا كنت على يقين بعودتي؟
فأعاد عليه مقولته المشهورة: ( أنا لي ولد وقد أوزيت خاله .. ولا هو مخلي الذيب ياكل بوه ). كنت مؤمنا يا بني بعودتك فلن تتركني للذئاب تنهش جسمي النحيل… لحقا بأبناء قريتهم وأنجاهم الله .. وتداول الركبان قصتهم بين القرى التي يعبرونها .. وأصبحت مثلاً سائداً بين الناس إلى يومنا هذا.
التعليقات
تعليق واحد على "ولا هو مخلي الذيب ياكل بوه – بقلم الكاتب أ. سلطان بن غرمان العمري"
انعم واكرم بالوالد والولد والخال ومن كان على المنوال من الاجيال
ولكن يظهر في زمننا هذا العكس في قلة من البشر هداهم الله
منهم من يودي ابوه الذيب
شكراً لأبي باسل على الطرح والنقل والاختيار المناسب
شكراً لمشرفي هذا الموقع
احمد العساف