الأربعاء ١٤ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٧ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

سباق الحياة – بقلم الكاتبة أ. أمل أحمد الجميل

سباق الحياة – بقلم الكاتبة أ. أمل أحمد الجميل

 

رنين منبه السادسة صباحاً، تستيقظ على عجل، تبعثر ما يعترض طريقك، تلملم حاجياتك وتغادر المنزل لبدء السباق الحقيقي مع الحياة، من يصل الى المكتب أولاً، من يحصل على فنجان القهوة خاصته قبل صفوف الإنتظار الممتدة حتى نهاية المقهى، من يسبق إنطفاء اللون الأخضر فلا يكون عليه التوقف لمدة لون أحمر لا يتجاوز الستين ثانية، كلاً منا يود أن يكون الأول هذا الصباح لا أحد يؤثر الآخر على نفسه ولا نطيق صبراً الإنتظار فنحن في سباق دائم مع عقارب الساعة وإشارات المرور وصفوف الإنتظار وجهاز بصمة الموظفين.

لقد غفلنا كثيراً عن الحياة، اعتدنا النعم حتى نسينا شكرها، قليلاً ما نأخذ من وقتنا دقائق معدودة لتأمل التفاصيل، رائحة القهوة، نسمات الصباح الباردة، أسراب الطيور في قلب السماء وتلويحات الأطفال من نوافذ حافلات المدارس. حتى قررت الحياة أن تلقننا درساً صارماً لنلتفت لأنفسنا، لتفاصيل حياتنا، لأوقاتنا المهدورة في السباق مع اللاشيء للحظة توقف كل شيء!

لم نعد نسابق عقارب الزمن تباطئت الحياة وتبين أننا أسقطنا سهواً الكثير من التفاصيل التي كان يجب أن نعيشها، ننغمس بها، نذوب في هواها، لو أننا تريثنا قليلاً والتفتنا لجماليات هذه الحياة، لنبض المدينة وضجيج المقاهي، لو أننا تأملنا تراقص أوراق الأشجار مع الرياح وعناق الغيم ونسّج خيوط الشمس وشاحاً لهذا الصباح، لو أننا توقفنا قليلاً لنعيش، لقد ركضنا كثيراً خلف الحياة حتى أرهقتنا فما عدنا نقوى على أخذ نفس يعيد الى صدرنا الحياة.

على أمل أن تنتهي هذه العزلة وتعود لتصافحنا الحياة بالرضا ونعقد هُدنة مع عقارب الزمن سنلتفت كثيراً للتفاصيل ونخلدها بقلوبنا، سيكون للخروج من المنزل متعة في أي وقت ولأي أمر دون إشتراط الضرورة القصوى، ستعلو مكبرات المساجد بالصلوات الخمس ستكون أيامُنا هادئة مطمئنة لا يعكر صفوها خوفاً او قلق، ستنتهي هذه الأزمة وستعود الحياة ولكن هذه المرة مختلفة ومختلفة جداً.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *