الأربعاء ١٤ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٧ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

الطبقة المتوسطة وضرورة حمايتها – بقلم الكاتب أ. خالد عوض العمري

الطبقة المتوسطة وضرورة حمايتها – بقلم الكاتب أ. خالد عوض العمري

 

ربما يبدو من نافلة القول، أن نتحدث هنا عن أهمية الطبقة المتوسطة للحفاظ على توازن المجتمع، وضمان عدم طغيان طبقةٍ على أخرى، إلا أن حال هذه الطبقة وأهلها، أصبح أمرًا لا يمكن تجاهله أو السكوت عنه، فما يحدث لهذه الطبقة من تقليص لحيزها، وتقليلٍ لعدد المنتمين لها، يعتبر خطأ فادحًا يحمل في طياته تبعات لا تحمد عواقبها، عوامل التعرية لهذه الطبقة، ومقترحات التعامل معها، هو ما ستحاول هذه المقالة تناوله وإن بشكلٍ موجز.

هروبًا من تشعب التعريفات وتفريعاتها، سنحدد الطبقة المتوسطة بما يلي: هي المجموعة التي يمكّنها دخلُها من الحصول على ضرورات الحياة الكريمة من مسكنٍ، تعليم، علاج، غذاء، ملبس، ثم يتبقى من هذا الدخل ما يسمح لهذه المجموعة بالحصول على قدرٍ معقول من الرفاهية والمتعة، على أن يتبقى من هذا الدخل ما يمكن أن يكون ادخارًا للحالات الطارئة.

ووفقًا للمحددات السابقة ستكون نسبة هذه الطبقة في مجتمعنا صادمةً ومؤلمةً، غياب الدراسات والعمل الإحصائي الذي يتناول حال هذه الطبقة سيكون عائقًا لمن يريد أن يعطي رقمًا قريبًا من الدقة، ولكن بغض النظر عن هامش الخطأ الوارد حدوثه، فربما كان من المنطق أنّ نسبة هذه الطبقة لن تتجاوز 20  في المائة، في أحسن الأحوال، وهذا رقمٌ بائسٌ بكل المقاييس.

هذه النتيجة البائسة يمكن إرجاعها -في تصوري- إلى سببين رئيسين أولهما: السياسات الاقتصادية والخطط الخمسية في المراحل السابقة، تلك السياسات والخطط التي لم تنجح في بناء اقتصادٍ منتج، يقوم على تهيئة الفرد ليمتلك الأدوات التي تجعله جزءًا ضروريًا من صناعة دورة الاقتصاد، وليس مستقبلًا لنتائجها فقط، حيث كانت العقلية الكامنة في تلك الخطط مبنيةً على توفير عملٍ للفرد وليس على خلق الأدوات اللازمة له ليوجد عمله، وهذا خطأ استراتيجي تم التنبه له ومحاولة تلافيه في «رؤية 2030»، وليس هنا مكان بسط هذا الموضوع والاستطراد بشأنه.

أما ثاني الأسباب: فهو النزعة الاستهلاكية للفرد، حيث يكفي أن نشير هنا إلى أنّ نسبة المرتهنين لقروضٍ بنكيةٍ ذات فوائد ضخمة، ممن يحق لهم الاقتراض تتجاوز نسبة 90 في المائة، وهذه القروض في الغالب ليست للاستثمار أو الادخار، فهي بين أن تكون لتوفير بعض الضرورات التي لا يكفي لها دخل الفرد، وهذا أمرٌ مؤلم، وبين أن تكون للكماليات والأشياء غير الضرورية وهو أكثر إيلامًا.

وقد جاءت «رؤية 2030» لتلافي تلك الأخطاء، وحاولت التعامل مع الآثار المترتبة على الإصلاحات البنيوية للاقتصاد، فتم إقرار برنامج حساب المواطن وبدل غلاء المعيشة، وهذه خطوة جيدة، إلاّ أنّ الحقيقة تقول بعدم كفايتها، فالغلاء الذي نتج عن تحرير أسعار الخدمات الرئيسية والسلع الأساسية كالوقود والكهرباء والماء، أصبح فوق طاقة دخل المواطن المنتمي للطبقة المتوسطة، وهذا ما لا يجادل فيه عاقل، بل حتى من كان أعلى من الطبقة المتوسطة بقليل لن يستطيع مجابهة هذا التوحش في الأسعار مستقبلًا.

لذلك وجب إعادة النظر في منظومة التشريعات التي يجب أن يكون من صميم عملها حماية هذه الطبقة ودعمها، والحديث عن هذا ذو شجون، ويكفي .

 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *