الأربعاء ١٤ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٧ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

أبواق الحرية! – بقلم الكاتب أ. ناصر عثمان العمري

أبواق الحرية! – بقلم الكاتب أ. ناصر عثمان العمري

 

بعد أن تمكن الخطاب المتطرف المستورد إلى بلادنا من عقول بعض شبابنا و فتياتنا والداعي إلى ما يسمى بالحريات وكسر القيود والانسلاخ من معاني القيم، ها هي بعض ملامح تلك الدعوات تجلَّت في لجوء بعض أبنائنا إلى مصادر تلك الدعوات المُحرِّضة من دول و منظمات، وقد تبين أن الأبواق التي تنادي بهذه الدعوات من بين أظهرنا ما هي إلا أدوات خائنة استخدمها الأعداء للنيل من أثمن مُقدَّرَات الوطن .. شبابه وفتياته.

في وقتٍ مضى وفي خضم تلك الدعوات والحملات المسعورة على تويتر وبعض القنوات المأجورة كنت أتساءل وأقول: إن كان هؤلاء دُعاة حريةٍ فعلاً فلماذا يناقضون أنفسهم وينتهكون حرية المجتمع والأسرة بترويج تلك الدعوات التي تدعو في ظاهرها إلى الحرية وهي في باطنها تنتهك حرية المحافظة التي اختارها مجتمعنا الإسلامي بفطرته وإرادته ؟! لماذا يريدون استبدال قيمنا ومعتقداتنا وفضائل مجتمعنا برذائل مستوردة لا تناسب ديننا ولا قيمنا ؟! كانت هذه الأسئلة معلومة الإجابة ولكن الواقع كان يذهب إلى تلبية هذه النداءات المستوردة مع الأسف، فكانت النتائج مُخيِّبة ومُؤذية. 

لقد استقبلت كندا بمستوى رفيع إحدى ضحايا الخطاب اليساري المتطرف الذي تبنى دعوات الحرية في بلادنا، الغريب أنه أول من تباكى بعد أن وصلت رهف القنون إلى كندا هم أولئك الذين حرضوها بألسنتهم وتغريداتهم وقنواتهم، فهل كانوا أيضاً ضحاياً أو مأجورين قبضوا الثمن ثم تباكوا؟ بغض النظر عن كل هذا، هم شركاء فيما أراده الأعداء لوطننا وشعبنا، فما إن سقطت هذه الضحية في تلك البلاد التي تدَّعي الآن حمايتها، تبرأ الذين غرروا بها منها ومن فعلها، بينما هي في الواقع ثمرة بذرتهم ونتيجة تحريضهم.

رهف القنون .. إحدى ثمار الخطاب الإعلامي المستورد، وربما نشهد في الأيام القادمة حملة نزوحٍ بالجملة إلى المجهول بحثاً عن الحرية المفقودة في بلادنا على حد زعمهم وتعبيرهم، وسيظهر مع رهف القنون الكثير من أمثالها ممن خدعهم الخطاب التحريضي الموصوف سلفاً. 

إن التطرف الديني قد سبق التطرف الليبرالي اليساري في النيل من أبناء الوطن، فقد أخرج التطرف الديني عدداً من أبنائنا من حياض الوطن وأمانه الى ساحات القتال والصراع المذهبي الديني والسياسي الحزبي بدعاوى و مضامين كان يلقيها على أسماعهم غُلاة و متشددين .. أما اليوم فإن خطر التطرف الليبرالي وتأثيره أصبح جلياً ومُشَاهَدا، ونتائجه وثماره الفاسدة نقطفها اليوم كمجتمع بكافة أطيافنا، فبتأثير خطابهم المتطرف يلجأ بعض أبنائنا إلى دول الأعداء لكي يطعنون وطننا في خاصرته بدعوى الحريات والحقوق وهم بهذا يقعون ضحايا لخطاب الوهم والتمزيق والنيل من وطننا من حيث لا يشعرون.

ضحايا التطرف الديني يبحثون عن الجنة وضحايا التطرف اليساري الليبرالي يبحثون عن الحرية، والخاسر هو الوطن، لذا فإنني أدعو إلى محاربة التطرف اليساري كما يُحارب التطرف الديني، محاربةً مجتمعية وأمنية وفكرية، وأن تُجفف منابعه وتُغلق منابره وتُكف أياديه وتُلجم ألسنته، حتى لا نُهزم في أرضنا من أبنائنا ونُحاصر في عقر دارنا من داخلنا وما الأوطان إلا أهلها و أبناؤها، فإن أُختُطِفوا فقد قُضي على الوطن ومقدّراته.

أختم قائلاً .. إن دولةً تستضيف في كل عامٍ ملايين المسلمين من شتى بقاع الأرض لينعموا على أرضها بالأمن والإيمان والراحة والاطمئنان، وتمد يد العون إلى كل لاجئٍ يطلب العون منها وينشد رخائها ويأتمن بأمنها، لهي دولةُ راعية بجدارة لحقوق الإنسان وحرياته وهي الأجدر بتعليم من سواها مبادئ الإنسانية والحياة الكريمة للإنسان بعزةٍ وكرامة، وبكل فخر واعتزاز أتشرف بأن تكون هذه الدولة هي بلادي المملكة العربية السعودية.. والسلام.

 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *