الأربعاء ١٤ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٧ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

لاني مقيد ولا مفكوك – بقلم الكاتب أ. حسن علي العمري

لاني مقيد ولا مفكوك – بقلم الكاتب أ. حسن علي العمري

 

كلمة عفوية قالها شيخ كبير تجاوز العقد السابع من عمره بطيبة وتلقائية وبطريقة تقليدية لإنسان بسيط حرم من بعض الحقوق الحياتية لأسباب غير جلية، وبقيت بداية محدودة الانتشار حتى تلقفها بعض الأشخاص فنشروها عبر أحد برامج التواصل الاجتماعي لتسير بها ركبانها حتى أصبحت لزمة – أو كما يقال ذهبت مثلاً – محلية دارجة على الألسن وبعض المكتوبات، وماحل بعد ذلك على صاحب هذه العبارة من التغيرات حد التطفل على خصوصيته من عدد كبير من الأفراد ما أُظهر للآخرين على أنه احتواء ونقل له إلى وضع اجتماعي أفضل، وللمتأمل في هذا الأمر يجده في ظاهره فعل يستحق الإشادة والشكر والتثمين لهذه البادرة من الجميع، بدليل استضافة طرفي المعادلة وظهورهما على عدد من المنابر الإعلامية والقنوات الفضائية التي خصصت أجزاء من بعض برامجها لإبراز طرفي هذه القصة والنقاش حولها، فظهر بجلاء أن تسليط الضوء على الجانب المظلم من حياته لميكن لذاته فحسب – بل حبا في الولوج لهذه الأضواء من أوسع الأبواب – كما تبين أن الرجل ليس له حينها أو بعدها أي اهتمامات أو غايات محددة حتى بعدما طرأت بعض التحولات الشكلية على شخصيته، وماوضح من قدرة جيدة لصاحب فكرتها على حسن استغلال الظروف واستنطاق المواقف واستجلاب العواطف، لكنني على الجانب الآخر لمثل هذه القصص أجدني أقرأ أهدافاً لم تظهر جلية من خلف الستار، وربما تنطوي على صور جرمية واضحة المعالم – مع أهمية التأكد منها من الجهات المعنية – لاستغلال الظرف الاجتماعي لهذا الرجل وأمثاله من خلال التسلق على ضعفه وجهله وحاجته وعفويته ونقاء سريرته للتكسب بها بأي صورة من الصور مهما بررت غايتها، ولا يخفى علينا ما يمكن أن يتحقق لصاحب الحساب من نشر مثل ذلك فيما لو تم انتهاز الغايات النبيلة لمثل هذه الأفعال، أو ما يكون قد تحقق له بالفعل من المكاسب المعنوية والمادية إذا ما علمنا بتجريم مثل هذه الأفعال وصورها وفقاً لنظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، في ظل ما يتداول عن عوائد تحققت ومغانم ومكاسب حيزت، سيما بعد نشر عدد من المقاطع داخل المملكة وخارجها عبر الفضاء المفتوح وما تبعثه من رسائل سلبية متنوعة، فضلاً عن سعي الكثير في ذات الاتجاه طلباً للشهرة عبر كثير من وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة التى تم نشرها بظاهر مكشوف فيه الرحمة وباطن مستتر يثير الاستياء ، وعلى الجانب العكسي لكبير السن نجد مقاطع مماثلة لأطفال في مقتبل أعمارهم ممن يقال عنهم أنهم مشاهير السناب وهم يدفعون من غيرهم لتسجيل مقاطع فيديو في ساعات متأخرة في أحد المطارات وغيرها الكثير من المقاطع المصورة المنشورة لهم ، وما يتعرضون له من ضروب متعددة من الإيذاء والاستغلال في مخالفة صريحة لأحكام نظام حماية الطفل ولائحته التنفيذية الذي حدد المحظورات والحقوق الواجب مراعاتها للطفل وترسيخ لحق الأطفال في الحماية من كل أشكال الإيذاء والإهمال والاستغلال.

ولأن هذه المشاهد متكررة تطل برأسها بين الفينة والأخرى ليتم تدوالها بسرعة فائقة على أوسع نطاق عبر الوسائل المتاحة بين أيدي الكافة ، فإن الجهات ذات العلاقة مناط بهم واجب اتخاذ كافة التدابير اللازمة لمحص كل ما يطفو على الساحة وعرض وقائعها على صحيح نصوص القوانين ضمانا لحفظ حقوق مثل هذه الفئات وحمايتهم من الإيذاء أو الإهمال أو الاستغلال ، وبتطبيق نصوص القانون وانفاذه تتحقق المقولة الكرمانية بتصرف ( برسم القانون علموا هؤلاء حدود تعاطيهم مع الأخرين ولا تخلوهم لا هم مقيدين ولا مفكوكين ) ففي تطبيق نصوص القانون خير تعليم وتعلّم .

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *