شبكة توتير التفاعليّة هي الأكبر اليوم من حيث التدفق الحواري والمعلوماتي والتنوع الثقافي البشري (500 مليون تغريدة يومياً). ويعرّف توتير نفسه بأنه يقدّم «ما يحدث في العالم وما يتحدث عنه الناس الآن». وحيث سبق تصنيف أنواع جماهير تويتر فلعلّنا اليوم نجتهد في تصنيف (أبرز) شخصيات «رموز» حسابات الحوارات العربيّة على شبكة توتير. ولا بد من الاعتراف بداية أن التصنيف هنا ورطة معقدة خاصة مع زيادة حضور شبكة تويتر في المشهد السياسي والثقافي العربي. ولكنّ المتأمل في حسابات أبرز المحاورين العرب سيجد نفسه (في الغالب) وسط خمس دوائر من أنماط «الرموز» العرب المحاورين على الشبكة وهم:
النوع الأول
المفكّر الخادم للمعرفة والعلم وهو ذاك الذي يبحر بمتابعيه إلى مرافئ العلم والبحث ويسعى لإشاعة المنطق واحترام الفكر وصيانة جناب الحقيقة دون جدال أو مكابرة. هذا النوع من المحاورين لا يتعصّب لرأيه ويحاور حباً في التنوع، ويختلف طلباً للإثراء، ويعترف حين يخطئ بشموخ. وللأسف فهذا النمط لا يحظى بجماهيريّة واسعة لأن الفكر (ألا يتفكرون) يحتاج إلى سيادة العقل ومداومة الصبر ويستلزم أدوات لا يمتلكها قليل الهمّة ومن جعل همّه تصيّد الإثارة.
النوع الثاني
المتخصّص المتفاني في علمه الحريص على توسيع دائرة المهتمين والتثقيف في مواجهة أضرار الدخلاء والمزوّرين. وهذا يحترمه أهل التخصّص ويناكفه من ضايق عِلمُه عَمَلهم. وسترى أمثلة ذلك في بعض ما ترصده من مشاكسات ومغالطات التعقيبات حين تتصفّح ردود أفعال بعض هؤلاء على من ينشر تغريدات ينبه فيها (مثلاً) على بعض الملوّثات الفكريّة أو طرق الغشّ التجاري أو الاحتيال العقاري ونحو ذلك.
النوع الثالث
المجادل بغير علم، «الملاجج» دون حلم، وهو نمط من المحاورين ينطق لسانه قبل أن ينطلق عقله. ويغلب على هذا الصنف من الناس عدم الاتزان الانفعالي وغالب حواراته كثيرة الضوضاء قليلة البركة. وهذا النوع تراه في نشاطه الحواري أشبه بالمذياع القديم المعطوب الذي لا يضبط مؤشره رقم تردداته فتارة تسمع سمفونيّة تقطعها «شيلة سامجة» أو صائحاً يقطع تلاوة القرآن ليرفع حديثاً موضوعاً يحرّم حلالاً وهلم جرّا.
النوع الرابع
الوصي المحتار وهو ذلك النمط من «رموز» المغردين ممن عيّن نفسه أو أبرزه تيار فكري أو جماعة حزبيّة. هذا الوصي المحتار المختار يمارس عمله متعهداً ووكيلاً للهمز واللمز وتتبع عثرات الخصوم المخالفين. ومشكلة وكيل العهدة «الإيدلوجيّة» هذا أنّه لا يمثل «مبدأ» متماسكاً قدر ما «يسوّق» مصالح «شلّته وجماعته» في كل مرحلة. ولأن المصالح تتغير بتبدل المراحل ولأن التقنية اليوم تكشف الصورة (قبل وبعد) فغالباً ما تجد هؤلاء مادة سخريّة يتقاذفها جمهور الفريقين عند نصر هذا أو هزيمة ذاك.
النوع الخامس
الأجير الحقير وهو نمط شكّلته الحالة السياسيّة العربيّة وتناقضات التيارات. وهذا النمط نائحة مستأجرة تبكي بلا ألم في الأتراح و»تهتف» بلا بهجة في الأفراح وتؤدي دورها بحسب «المعلوم» من المال والوظيفة. ووصف الحقير على هذا الصنف الأجير لا قسوة فيه لأن الضمير والقلم من أشرف ما يملك الإنسان ومن باعهما فقد باع روحه مهما سكّ وصكّ من حجج.
قال ومضى: كم أحترم من يحاور ولا يناور ويخالف ولا يختلف ويثابر ولا يكابر .
التعليقات