الأربعاء ٢١ مايو ٢٠٢٥ الموافق ٢٤ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

قضية الحياة! – بقلم الكاتب أ. ناصر عثمان العمري

قضية الحياة! – بقلم الكاتب أ. ناصر عثمان العمري

 

من تناقضات الحياة أن قضاياها قد تُقرأ مع كل زاوية .. بَيْدَ أن لكل قراءةٍ رواية أو قصه أو براهين، يتزعَّم الإتيان بها صوتٌ آخر من أصوات الحياة! وكأنها تريد أن نكون فيها جميعاً “ظَلَمه” وفي ذات الوقت نكون فيها أيضاً “مظلومينَ” وهذا في ظاهره ليس عدلاً بلا شك، لكن الحِكَمة تختبئ في ثنايا هذه القراءات لقضايا الحياة: ( وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ) هنا شيء من الحِكمة قد تجلَّى .. هل لامَس قلبك؟!

‏لقد جُعلت الحياة وقضيَّتها كقضيَّة الإنسان الذي لابد أن يدخل معّتركها .. حيث أن قضية الإنسان الأزليّة هي الجَدَليّة في كل شيء نحو أسباب الحياة؛ ولأن الحياة قضيةً جَدَلية أيضاً قال الله تعالى عن إلإنسان: ( وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ) ثَمَّ ترابط بين قضية الحياة وجَدَليَّة الإنسان! قف وتأمل هذا الترابط من واقعك ومحيطك وعالمك.

‏يقع الإنسان في مُشكِلات الحياة ثم يَطلب الإنصاف وهذا بطبيعة الحال من دواعي الفطرة نحو تبرأة الذات .. ولكن ما يلبث هذا الإنسان ليبرِّئ نفسه حتى يسمع صوتاً آخر يطلب منه الإنصاف وأنه ظالم ومعتدي و”كذَاب” ووإلخ .. الصوت الآخر هو صوت الحياة .. الصوت الذي تجادله كإنسان إلى أن تموت، إذا ما أردت المجادَلة والمُخاصَمَة أيها الإنسان.

‏صوت الحياة سيبقى خصمي وخصمك .. سيأتي هذا الصوت إلى مشاعرك ليجرحها وإلى عينيك ليُدمعها وإلى قلبك ليَثلِمه! سيأتي صوت الحبيب القريب أو العدو البعيد ليُمثَّل صوت الحياة في مواجهتك.. لن تكون في منأى عن هذا الصوت الخصم أبداً .. لن تنجو .. فكيف تصنع وماذا تفعل حينها ؟!

‏قد تكون وقفت ذات مره على حديث المصطفى ﷺ حين قال: ( أنا زعيم ببيتٍ في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا ) والمِرَاء بكسر الميم وفتح الراء، يعني الجِدال، المسألة أخلاقيَّة إذاً ! ..

إن من الحكمة الإبتعاد عن الجِدال حين يتعذَّر النقاش الهادف مع صوت الحياة أياً يكن هذا الصوت، وحتى يخجل هذا الصوت من أن يهزمك تماماً أو أن يطرحك أرضاً .. ولِيَعبر من خلالك دون أن يُحْدِث فيك حتى الصَدَى، اصمت صَمت الحُكماء واعرِض إعراض العارفين .. لا تجادل رحمك الله، حتى تنتهي الجَلَبه وتزول العاصفة.. ويهدأ صوت الحياة، ثم لن تكون هذه هي النهاية أبداً؛ سيعود إليك هذا الصوت مُناكِفاً على حين غفلة ، ولكن تذكر الجنة ووعد الحبيب ﷺ بالبيتِ في رَبَضِها، واصبر ( وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ ) لأن قضية الحياة هكذا كما سَلَف والله المستعان!.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *