الثلاثاء ١٣ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٦ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

رسالة ودِين ! – بقلم الكاتب أ. ناصر بن عثمان العمري

رسالة ودِين ! – بقلم الكاتب أ. ناصر بن عثمان العمري

 

لا يَشُكُّ مستبصر أنَّ قِيَمَنا الإسلامية ومبادئنا وثوابتنا الدينية يُعمل على تقويضها منذ زمنٍ بعيد عبر التنظير والإعلام ووسائل عِده، عَلِمها مَن عَلِمها وجَهِلَها مَن جهلها، حيث عَمِل الغرب ويَعمل في مجتمعنا بأدواته الرخصية والمُكْلِفة أحياناً لتحقيق أهدافه، تارهً خُفيه وأخرى بالعلن، فاستخدم العقول التي ضاقت ذرعاً بتعاليم الدين كأسلوبٍ رخيص لتكون منطلقاً للعمل على التغيير الذي لا ولم يفطن لنهايته قبل وقوعها إلا أولي الفِكر الرصين والمعرفة البعيدة بعواقب الأمور، إذ أن ملامح هذا التغيير لا تنسجم مع قيم مجتمعنا ولا تقاليدة ولا عاداته، فضلاً عن معتقداته وثوابته.

إن المنساقين خلف التغيير الذي يحمل هويةً مجهوله، ذلك التغيير الذي يجرف مِن بين أيدينا قِيَمنا وأصالتنا عَيَاناً في وضح النهار هُم متعطشون للتغيير فحسب، ولا يعلمون دوافعه ولا بواطنه ولا يعرفون عقائد العاملين خلف الكواليس عليه، هم فقط “جَهَله” غرَّتهم قشور اللحظة، ولا يعلمون ولا يفقهون في مآلات الأمور ونتائجها وأبعادِ توابعها .. ولذا أقول بأسفٍ شديد: سيندم أبناء اليوم حين يصبحون أجداداً لأبناء الغد .. حين يكون الأحفاد هجيناً من ثقافة الغرب وإنحطاطه ومن إنهزام العربي المسلم الذليل!.

يجب أن يفهم الجيل بأن الحرب قائمةٌ على قدمٍ وساق على بلاد المسلمين كافة، فإن كانت الحرب الآن بالسلاح والرجال على بعض البلدان الإسلامية تمزقها وتشرذمها، فإنها حرباً بالفِكر والإعلام على بلدانٍ اسلامية أخرى أيضاً في ذات الوقت حتى تتساقط كلها، وإن اختلفت الأدوات والمعاول فإن أهدافهم مرسومة وخططهم واضحة، ولكن .. آهٍ من غفلة الجيل وسطحية الهموم وعزوف القوم عن طلب القوة والتمسك بالدين والإعتزاز به كأساسٍ لحضارةٍ تُطلب أو مَجدٍ يُرام!.

إننا مهما قدّمنا من التنازلات تلو التنازلات فإن العدو لن يرضى أبداً، كيف لا والقرآن دستور قوتنا قد أخبرنا بما يريدون مِنا بتوصيفٍ جَلَيًّ وواضح: (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ) لن تنتهي مطالبهم إلا بإتباعنا لمِلَلِهم ومعتقداتهم، وأن ننسلخ من كل شيئ يميزنا عنهم، فهل يُعقل أن تتخلى أمة الإسلام عن دينها شيئاً فشيئاً لكي يرضى الشرق والغرب؟! لقد حَذَّرَنا القرآن فقال: ( وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) سيبقى الإسلام عزيزاً مهما تنازل أتباعه، وسيذهب الخاسرون إلى مزبلة التاريخ الإسلامي مع أسلافهم ممن سبقهم.

أختم قائلاً: إن القيمة المُضافة للإنسان على وجه الأرض هي أن يكون مسلماً مُوحِداً لله عزيزاً بما شرعه له الدين من وسائل عِزة وقوة، ممتثلاً لهدي محمد صلى الله عليه وسلم في كل شؤونه وأحواله، أما ما دون ذلك فنحن والبهائم من الحيوانات وأشباههم من البشر شركاء في كل شيء، وقد يتميزون عنا في قدراتهم الجسدية – أعني البهائم – أو في صناعاتهم –وأعني أشباه البهائم من البشر-  وهذا ليس بكسّبٍ ولا فلاح يدعوا إلى الإقتداء بهم في كل شيء؛ لأننا خُلِقنا لنكونَ أربابَ رسالةٍ ودين ( وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ) والسلام.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *