أخي الصائم .. أختي الصائمة .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فقد قضت حكمة الله سبحانه أن يكون أول يومٍ بعد انقضاء شهر رمضان المبارك يوم عيد للمسلمين، ألا وهو عيد الفطر الـمبارك الذي شرعه المولى جل وعلا؛ ليفرح الصائمون بتوفيق الله تعالى لهم لأداء ما فرضه عليهم من صومٍ وعبادةٍ وطاعة، وليكون مناسبةً للترويح عن النفوس، والفرح بفضل الله ورحمته، وإدخال البهجة والسرور على أبناء المسلمين، وليتبادل الصائمون فيه أجمل التهاني وأصدق الأماني بالعود الحميد والعمر المديد مقروناً بالعمل الصالح والقبول من الله تعالى.
ولعل من عظمة الإسلام أن جعل هذا العيد مناسبةً سعيدةً للفرح والسرور لا بالمظاهر المحرمة ولا بالتجمعات العشوائية الصاخبة كما يعتقد البعض، وإنما بحمد الله جل وعلا على تمام الصيام وثبات الأجر – إن شاء الله تعالى -، والاستبشار بقبول الرحمن ورضاه، ثم تبادل الزيارات بين الأهل والإخوان، والأصدقاء والجيران، وتجديد أواصر الـمحبة بين الأقارب، وصلة الرحم، وبر الوالدين، وتفقد المحتاجين، والعطف على الفقراء والمساكين، والأُنس بالصغار ..
والسلام على الكبار في جوٍ إيمانيٍ مباركٍ يُعطِّرُه ذكر الله سبحانه وتعالى، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتُزينه الأحاديث الباسمة والدعابات الجميلة، وتُلطفُه الطرف البريئة والبسمات الحانية، فيكون ذلك كله سبباً في تقارب القلوب واجتماعها، وذهاب ما في النفوس من أحقادٍ وأضغانٍ، ولذلك سمي يوم العيد يوم الجوائز؛ فمن صام رمضان وقامه إيماناً واحتساباُ فاز بالجائزة الكبرى، ونال الفوز العظيم.
قال الشاعر:
فأنعم بيـــــوم الفطر عـــيــــداً إنه يومٌ أغر من الزمان مشــــهدُ
ويقول الشيخ مصطفى السباعي في حديثه عن المعنى الإنساني للعيد: (( في العيد يشتركُ أعدادٌ لا حصر لها من أبناء الشرق والغرب بالفرح والسرور في وقتٍ واحدٍ، فإذا الإنـسانية تلتقي على الشعور المشترك بالغبطة، وإذا أبناء الأمة الواحدة على اختلاف ديارهم، يشتركون في السراء كما يشتركون في الضراء؛ ففي العيد تقويةٌ لـهذه الروابط الفكرية والروحية التي يعقدها الدين بين أبنائه من مـختلف اللغات والأقوام )).
فيا أيها الصائمون:
تذكروا أن العيد ليس لمن لبس الجديد، وتفاخر بالعُدد والعَديد، وإنما العيد لمن خاف يوم الوعيد، واتقى ذا العرش المجيد.
أسأل الله أن يجعلنا جميعاً من عتقاء شهر رمضان من النار، وأن يتقبل منا صيامنا وقيامنا، وأن يعيده علينا أعواماً متتاليةً، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
التعليقات