الثلاثاء ١٣ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٦ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

رسائل رمضانية 18 – بقلم الدكتور صالح أبو عراد الشهري

رسائل رمضانية 18 – بقلم الدكتور صالح أبو عراد الشهري

 

أخي الصائم، أختي الصائمة .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فمن فضائل شهر رمضان المبارك أنه شهر التربية على مبدأ التكافل الاجتماعي الذي نادت به تعاليم وتوجيهات دين الإسلام منذ أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان، حينما نادى بضرورة ترابط أبناء المجتمع المسلم في مسراتهم وأفراحهم، فجعل التكافل يبدأ على مستوى الأُسرة الواحدة،

ثم كبُرت دائرته لتكون على مستوى القرابة والرحم والجيرة، ومن ثم اتسعت الدائرة لتكون على مستوى المجتمع بشكلٍ عامٍ وشاملٍ يتساوى فيه الكبير والصغير، والغني والفقير، والأمير والغفير عن طريق مد يد العون من الأغنياء إلى الفقراء بأموال الزكاة والصدقات والـمساعدات المادية والمعنوية التي تفيض فيها المشاعر الإنسانية بعواطف الرحمة والأخوة،

فيتربى المجتمع المسلم بذلك في ظل الـمعاني الكريمة، والمحبة الصادقة والأخوّة المثالية التي تجعل من أغنياء الأُمة وميسوري الحال فيها مسؤولين عن فُقرائها ومعوزيها ومُحتاجيها حينما يشعرون بجوع الجائعين وحاجة المُحتاجين.

وهذا فيه درسٌ عظيم يُربي المسلم على أن يكون ما يُقدِّمه لإخوانه الفقراء والمحتاجين قُرباناً إلى الله سبحانه وتعالى، لاسيما وأنه بذلك يُربي في نفسه دوافع البذل والعطاء والجود والكرم، ويكبت دوافع الذاتية المقيتة، ويقضي على غريزة حُب التملُك الفردي، ويُعالج صفات البخل والشُح والطمع، مُجسداً قول الشاعر:

الله أعطاك فابذُل من عطيته  ..  فالمالُ عاريةٌ والعُمر رحالُ

كما أن في ذلك دعوةٌ وحثًا للمسارعة إلى تفقُد أحوال الآخرين من أبناء المسلمين، والحرص على تفريج عُسرهم وتقريب يُسرهم، قال الشاعر:

ازرع جميلاً ولو في غير موضِعه   .. فلن يضيعَ جميلٌ أينما زُرِعا

 إن الجميلَ وإن طال الـزمانُ بهِ  .. فليس يحصُدُه إلا الذي زَرعا

فيا إخوة الإيمان، الله الله في استثمار أيام هذا الشهر العظيمة، ولياليه المباركة في تفقد الأحوال، وبذل الأموال، والإكثار من الصدقات والأُعطيات، فكم هو عظيم أن نلتفت إلى أبناء أمتنا الإسلامية في شتى أنحاء العالم لنكون معهم بمشاعرنا وأحاسيسنا وأموالنا وعطائنا ودعائنا؛ فنكون بذلك ممن قال فيهم الـمصطفى ( صلى الله عليه وسلم ): (( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر)) (رواه مسلم وأحمد وغيرهما).

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النار. واجعلنا اللهم ممن تُظلهم مظلة قولك الكريم: ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبةٍ والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم).

 

مقالك37

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *