الثلاثاء ١٣ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٦ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

هل سيصدق ترمب في تهديده لإيران؟ – بقلم الكاتب أ. رافع بن علي الشهري

هل سيصدق ترمب في تهديده لإيران؟ – بقلم الكاتب أ. رافع بن علي الشهري
 
 
 
لم يعد مستغرباً أن يتعاقب الرؤساء الامريكيون على قول الكذب أثناء الفترات الإنتخابية وبعدها، وخاصة حول إيران، وذلك منذ بداية نشأة الثورة الخمينية عام ٧٩م  في عهد الرئيس كارتر وحتى اليوم، وسواء كانوا جمهوريين أو ديمقراطيين، ولعلهم قد تعلموا التقية الصفوية من إيران نفسها،. ولايعني هذا أن السياسة الامريكية مبرأة من الكذب بل هي من أقوى الكاذبين في العالم غير أن كذبها كان مراوغات سياسية مألوفة بين الدول وليس ضحكاً على الذقون جهاراً نهاراً كما تفعله اليوم، أمام سكان العالم قاطبة، حتى غدا شيئاً مخجلاً وعاراً مشيناً مخزياً لكل رئيس أمريكي تفوه به عن إيران، وللإدارة الأمريكية بكل قواها وكوادرها ومقدراتها.
 
فحين تسلّم الخميني السلطة في إيران أغلق  السفارة الامريكية في طهران واحتجز دبلوماسييها وموظفيها وأهان الاميركان إهانة لم تتلق مثلها من قبل، وقطع العلاقات مع إسرائيل، وكارتر حينها يهدد ويرعد ويزبد ضد إيران، ولكنه كان هو الذي اضطر الشاة للرحيل وهيأ لدخول الخميني لطهران بالتعاون مع فرنسا من قبل، وكان هو الوسيط بين إيران وإسرائيل من تحت الطاولة في رسم العلاقات السرية القوية وتأسيسها تأسيساً باطنه التحالف والوفاق وظاهره الشتائم والسباب والحرب الكلامية الزائفة. ولما أتى رونالد ريغان مدَّ إيران بالأسلحة إبان الحرب العراقية الإيرانية، وكان الرئيس بوش الأب يهدد إيران من حينٍ إلى أخر، ولكنه قد خطط معها ليسلّمها افغانستان على يد إبنه بوش، وأما بوش الإبن فقد كان أشد الرؤساء الأميركيين تهديداً لإيران فكان يعتبرها أحد محاور الشر في العالم
 
وهدد بالخيارالعسكري لكنه كان أكثر من حالفها فقد سلمها العراق على طبق من ذهب،  وأتى بعده الديمقراطي أوباما مهدداً لإيران ايضاً، ليسلمها بلاد الشام، ويُخضع لها المدن السنية في العراق، حتى أنه غطى بطائراته عمليات الحشد الشعبي في العراق، ضد أهل السنة هناك، وقد حبَك مع إيران المؤامرات ووسائل التعاون بينها وبين داعش . واليوم يأتي رونالد ترمب الرئيس الخامس والاربعين للولايات المتحدة الامريكية، بعد فوزٍ مشكوك فيه فقد كان فوزاً غير متوقع من المراقبين، وكان وصوله للبيت الأبيض مستغرباً، وهو الذي أثارت تصريحاته في فترة الإنتخابات أكثر الشعب الأمريكي، والتي أساء فيها كثيرا لدول الخليج وللسعودية خاصة، وأساء للمسلمين في أميركا والعالم بأسره!
 
لكن الذي يهمنا هنا هو معرفة مدى مصداقية تهديداته لإيران، والتي لازال يصرح بها كل يوم منذ أن تولى الرئاسة والحقيقة أن الإرهاصات تدل على أن هناك  جدّية في تهديدات ترمب لإيران فقد منع دخول مواطني سبع دول عربية وإسلامية تعتبر إيران إحداها وشدد ترمب العقوبات على خمسة وعشرين فرداً وكيانا إيرانيا، وقال ترمب أن دخول إيران للعراق غلطة كبرى وقال عن إيران أنها منبع الإرهاب ..
 
يبدو لنا أن كل هذا مفرح لجميع  دول الخليج التي عانت وتعاني من تدخلات إيران في  شؤونها وتهديدها من حين لأخر، ومفرح ايضاً لبقية الدول العربية التي تنتظر بقلق الشديد التدخلات الايرانية وتخشى خطرها. بيد أن هذا كله غير مؤكد، ولايجزم أحدٌ بتحقق تهديدات ترمب، قياساً على أقوال وتهديدات أسلافه السابقين الذين هددوا فكذبوا وسلّموا لإيران بعض الدول العربية .. ولايمكن أن يكون صادقاً ترمب إلا إذا فعّل مع إيران مايلي :
 
١- إخراج إيران من العراق وسوريا طوعاً أو كرهاً .
٢- فرض عقوبات على إيران .
٣- إعتبار الحرس الثوري منظمة إرهابية .
٤- إدراج حزب اللات اللبناني منظمة إرهابية .
٥- إعتبار الحشد الشعبي الشيعي منظمة إرهابية .
 
وقد يكون ترمب صادقاً في تهديداته لإيران في حالة إستعلاء السياسة الخليجية وفرض قوتها وثقلها، وهذا الذي أكاد أرجحه وأتوقعه.  وقد يرى ترمب أن جعل الخيار العسكري هو الحل، ولكنه ينظر اليه من زاوية أخرى، لايسر دول الخليج وهذا مايجعلها تتوجس خيفة من نوايا ترمب العسكرية التي قد تجرعليها حرباً ضروساً، يقحمها فيها لتقاتل بدلاً عنه، ليبيع الأسلحة على جميع الأطراف المتصارعة ويحصل على ما دندن عليه أثناء الإنتخابات حول المبالغ المالية الهائلة، التي قال ستدفعها دول الخليج لأميركا،. لأجل حمايتها من الأخطار، فقد يصنع الأخطار لإستنزاف الدول الخليجية وتركيا التي لن تكون بمنأى عن الأحداث أبداً.
 
ولما رأى ترمب العراق وسوريا وقد دمرتا تماماً، وجد أن إشغال فترته الرئاسية القادمة، بحروب مشتعلة على نفس المناطق المدمرة، بحجة إعمارها وإخراج الإيرانيين منها، متنفساً إقتصادياً لأميركا وإشغالاً للعرب وأهل السنة عن قضية فلسطين …. وهكذا دواليك، فقد يأتي  بعد  ترمب من يقوم  بعمل بوش وأوباما … ولانجاة من المتأمرين الذين لن يرضوا عنا حتى نتبع ملتهم، إلا بالدين والتقوى والصلاح …. والله غالب على أمره، له الحكم وهو أحكم الحاكمين!
 
 
 مقالك37

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *