بين عشية وضحاها، وألم وأمل، وصراع مرير مع المرض ، وصبر ومعاناة، رحلت جدتي الغالية عن أرض البسيطة رحمها الله رحمة واسعه، فكانت دموع الحزن تسابق الخبر، وينفذ أمر الله طاويا معه ذكريات طفولتي ، وتلك الصفحة الجميلة من حياتي.
منذ نعومة أظفاري ترعرت تحت كنفها مع جدي غفر الله ذنبه .. فأكرموني أيما إكرام وطاب المقام عندهم .. وتوالت الأيام وصنعنا الذكريات معا بجميع أطيفاها حتى أصبحت قصصا تروى..
لا يكاد أن أزورها لإحضى بشرف لقائها حتى نفتح صفحة الماضي معا .. وننتقل بين تلك القصص منها المفرح السعيد والمؤلم المحزن، والغريب العجيب، غالبا ما تنتهي الزيارة بدموع مودع ونبرات حزن على أيام جميلة قضيناها لن تعود.. عشنا من خلالها البساطة والمحبة والألفة والسرور، حتى لم أكن أرها سوا أما حنونا ، علي تعطف وترحم وتساعد ، وفي المعضلات تنصح وتوجه.
لن أنسى اهتمامها بي حينما كانت تحفظ لي شيئا من الأكل آكله بعد العودة من الرعي أو الفلاحة .. لن أنسى خوفها علي من الجوع.. لن أنسى رعايتها وحرصها بملبسي ونظافته.. لن أنسى ذلك القلب الكبير.. فأي قلب كنتِ تحملين يا جدتي الغالية ..
والآن.. وبعد رحيلها.. أعود لذكريات طفولتي في تلك الحقبة العمرية بمفردي، فقد رَحلت أنيستي إلى جوار ربها تاركة بصماتها وجميل صنيعها للتاريخ شامخ.. وتظل جدتي – رحمها الله – باسلة الكرم والراية بعبق الأصالة العربية التى لا تنسى .
رحمك الله يا جدتي عدد ما عشت معك .. رحمك الله يا جدتي عدد ما ربيتيني .. رحمك الله يا جدتي عدد ما أحببتك وأحببتيني .. رحمك الله يا جدتي عدد ما هو كائن .. وعدد ما سيكون إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
وداعا جدتي .. وفي جنة الخلد أسأل الله أن يجمعني بك ووالدينا وجميع المسلمين … اللهم آميييين
التعليقات