الإثنين ١٢ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٥ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

الإعلان والنزعة الإستهلاكية – بقلم الكاتب أ. فيصل ابراهيم الشهري

الإعلان والنزعة الإستهلاكية – بقلم الكاتب أ. فيصل ابراهيم الشهري

من الطبيعي أن تتطور المجتمعات وتتغير وتظهر على مسرح حياتها  ظواهر  جديدة ، منها ماهو جيد ومنها ماهو سيء ، غير أن المجتمعات الناضجة هي من تراجع نمط حياتها في كل مرحلة من مراحل نموها و تعاقب أجيالها . وتعتبر النزعة الإستهلاكية من الظواهر السلبية التي أثرت على نمط حياتنا،  و أصبحت  تسيطر على كل مفصل من مفاصلها . فالإنسان اليوم لم تعد الحاجة هي من يدفعه إلى الإقناء كما كان في الماضي ، بل أصبح الإقتناء هو الغاية التي يبحث عنها ، مما جعل الإنسان يتجاوز  إستهلاك السلع  ليستهلك نفسه وسعادته .

كما أن الإعلان هو أقوى العوامل النفسية التي تؤثر في حياتنا وتستثير غرائزنا، فالمعلنون يعزفون على وتر المخاوف المجتمعية . وهو انك لن تكون مميزاً ولن تحظى بإحترام الأخرين الا بشراء سلع ذات قيمة عالية . أو ماركة مشهورة حتى ولو لم تكن ذات جودة عالية. وهذا يجعلنا ضعفاء أمام مقاومة الشراء و نشترى أشياء  لا تمت لحاجتنا الأساسية بصلة . ويعتبر النظام الرأسمالي هو من ساهم  في إنحراف الثقافة الإنسانية من ثقافة النضج الى ثقافة الإستهلاك .

تحدث عن ذلك الفيلسوف الامريكي ( أوڤر ستريت ) عن الرأسمالية في كتابه العقل الناضج  وأستعرض مضار  الإعلان التجاري وقال : 
أنه لا يكاد أن تمر علينا ساعة من حياتنا اليقظة حتى يتم تنبيهنا  بطريقة أو بأخرى إلى أنه ينبغى لنا أن ندفع المال لشراء هذه السلعة أو تلك  وهذا الالحاح المستمر  أضر بالبشرية وأسفر عن نتائج أربع  :-

١/  أننا نظل مهددين دائما بمشاعر السخط على المستوى المادى الذي نعيش فيه ، بحيث لا يبعث الرضا في نفوسنا عن أى شيء نملكه …

٢/  أننا نشجع أنفسنا دوماً على الإقبال على مايقدم الينا جاهزاً ومعداً ، والإحجام عما يمكننا نحن تجهيزه واعداده بحيث تجتاح لذه الامتلاك لذة الأبداع. 

٣/ أننا  نشجع على الأستغناء عن الأشياء قبل الإستفادة منها ، و قبل أن نألفها ونستمتع بصحبتها أيضاً .

٤/ أننا نشجع على الأعتقاد بأن معظم مشاكلنا النفسية والإنفعالية والاجتماعية ناشئة عن افتقارنا الى سلع مادية معينة ..

وفي مجتمعنا المسلم اليوم  أصبحنا  نعاني من تلك المضار  . ولك أن تشاهد حجم الإعلانات التي تدعونا قبل شهر رمضان المبارك ،  وتحثنا على شراء سلع ربما اننا لسنا في حاجة إليها ، وجميعها تتحدث على أنها فرصة لا تعوض ، والحقيقة أنها فرصة للتاجر وليست لنا .

 
مقالك37

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *