?وَيَا للهول …. ما هذا العصف الذهني
( غير المنضبط ) الذي تمخَّضَ عن هذه الحادثة ؟؟ حيث أكتشفنا أو إن شئت فقل كشفنا عن الجهلٍ المهيمن على حياتنا وكأننا لا زلنا في عصور الجهل والظلام الغابرة ؟؟ .
?وقد قرأت كغيري تحليلاتٍ إيجابيةً وتشخيصاً دقيقاً لبعض من تناولوا هذه الواقعة، غير أني سآتي على بعض الجوانب التي لا يمكن أن نتجاوزها والتي تُظهِرُنا بأننا فعلاً لا نزال نعاني من تبعات الماضي ونخلِطُ المُثُلَ الرائعة لذلك الماضي مع سلبياته ، ثمّ إنَّنا في ذات الوقت لا نملك رؤيةً سليمةً في التعامل مع مقومات ومتغيِّرات وضعنا الحالي .
?فعندما نشير إلى تبعات الماضي فبلا شَكٍّ أنا لا أعني بذلك الجرعات التربوية التي كانت تنطوي على شيئٍ من الحزم والغلظة بحسب ما كان يفرضه واقع الحال وظروف المعيشة القاسية آنذاك فلطالما أنتجت تلك الظروف أبناءً بررةً وباتوا فيما بعد رجالاً أشدَّاء ، لكني أقصد عدم الوعي في الخلط بين تلك الظروف وبين إنتهاج أسلوبٍ لا يحقق التربية المثالية المستمدَّة من تعاليم الدين ، والتي تقوم على الإرشاد واللين في غير تدليل وعلى إسداء النصح في غير تفريط في الأمانة الملقاة على عواتق الأباء والأمهات .
?وَمِمَّا أفرزته كذلك هذه الواقعة المظاهر المصطنعةٍ كظاهرة التكريم التي أضحى تقليداً يُنتَهَجُ في غير مايناسبُ قيمة هذه المفردة وأعني – التكريم – . كما حدث في إحدى المدارس من تكريمٍ في غير محلِّه ( للعم معيض )، بالإضافة إلى ما نُظِِّمَ من قصائد للإشادة به أو من خلال إجراء المقابلات التلفزيونية معه ، وأكاد أجزم بأن لمثل هذا الشخصٍ هو بنفسه قد فوجئ بهذا الزخم من المتابعة من أناسٍ سَخَّروا ما تحت أيديهم من إمكانات إعلامية ومادية ليلهثوا وراءه مستغلِّين تصرفه مع أبنائه ليوظَّفوا كل ذلك ربَّما ليس لقناعتهم بسلامة ما أقدم عليه أكثر من رغبتهم في البروز وتسويق ذواتهم . أو ما عمِد إليه بعض الإعلاميين لحشو برامجهم بموضوعٍ باهتٍ هو في الأساس موضوع عائلي بحت .
?وقد تبيَّن من متابعة محتوى ذلك المقطع تناقضاً ملحوظاً غاب عمَّن رأوْا في غلظة الرجل مع أبنائه باستخدامه السوط تصرفاً تربوياً يحتذَىَ ، بينما الحقيقة أن السيد معيض قد نطق بعبارةٍ فجَّةٍ غايةٍ في الفحش والبذاءة وهو يلاحق الأطفال بسوطه ، وأعتذر سلفاً لذائقتكم عن ذكرها ولكن لا بدَّ من الإتيان بها للإستدلال بأننا نعاني من عدم التمييز بين المحمود والمذموم من الأفعال والأقوال حيث أنه في نهاية المقطع نَطَقَ وبكل صفاقةٍ موجهاً لهم الكلام قائلاً :
( لعن الله أمٍّ جابتكم ) .
?كذلك مما كشفته هذه الحادثة أن الرجلَ عمِدَ إلى إنتهازيةٍ مكشوفةٍ تضاف إلى جهله المركب سواءً بتصرفه مع أطفاله أو بألفاظه التي تفوه بها وفق ما تقدم الإشارة إليه ، فقد ظهرت هذه الإنتهازية في ختام مقطعٍ تلفزيوني ثم تصويره معه لبرنامجٍ رياضيٍ شهير وكان بجواره أحد الأطفال ، وذلك عندما سأل العم معيض الطفل – وحتماً قد أوعز له بالإجابة – قائلاً : ماذا تتمنى ؟؟ فأجاب الطفل بأنه يرغب مقابلة شخصين ذكرهما بالإسم .
?وهنا أتسآءل : هل فعلاً يستحق موضوعٍ كهذا أن تُسلَّط على كلُّ هذه الأضواء الإعلامية ؟ أو أن يكرَّم بطل الواقعة في منشأةٍ تعليميةٍ وتربويةٍ ؟؟
?أم أننا في الواقع المرير هذا نؤكد بأننا نعاني أزمة وعيٍّ بتناقضات البعض وتصرفاتهم اللّامسؤولة ؟؟؟ .!!
التعليقات