تعتبر القراءة الحرة هي أول درجات السلم التي تضعنا على عتبة باب النور . كما أن حاجتنا الى القراءة تماثل حاجتنا الى الطعام سواء بسواء . والمعرفة تتسارع وتتجدد ، وأصبح الأنسان في تحد دائم مع القراءة . ومن هنا نجد أنه من المناسب أن يفتح الإعلام باب الحديث عن طرق أختيار الكتاب الجيد والمناسب ، والتعرف على بعض مهارات أختيارالكتاب . لا سيما وأن معارض الكتاب أصبحت تحلق في سماء الوطن وفي كل ركن من أركانه ، مما يبعث الأمل من جديد بعودة المجتمع الى القراءة والحرص على التثقيف الذاتي .
ولو استعرضنا من زاوية مختصرة عن كيفية أختيار الكتاب عن أولئك الذين يرغبون في القراءة الحرة والثقافة العامة والأنسانية ، بعيداً عن كتب الأختصاص ، لو جدنا أن عملية أختيار الكتاب الذي ترغب في قرأته هي في الحقيقة ليست بذات الصعوبة غير أنها ليست أيضاً بالسهولة التي يتوقعها البعض .
فهناك عملية استكشافية ومفاتيح يجب أن يتم على أساسها تقييم الكتاب ، ومدى حاجتك الى ما يحتضنه من معلومات معرفية مفيدة أنت تبحث عنها وتنشدها فالقارىء المتمرس يستطيع أن يجد ضالته بيسر وسهولة ، من خلال الأطلاع السريع على المقدمة والفهرس وبعض من صفحات المحتوى ، وهي كفيلة بالتعرف على الذائقة المعرفية للكاتب . وهذا الجانب غير مأمون دائماً ، فكثيراً ما نقع في شراك تسرعنا ، ونشترى كتباً نجدها ليست جيدة ، ولم تسد جزء من مساحة جهلنا الواسعة .
فالهالة الأعلامية حول كتاب معين ، أو شهرة الكاتب تسوقنا أحياناً الى دفع النقود ثمناً دون تفحص أو أطلاع على المحتوى وتقييمه . كما أن هناك كتباً نجدها سهلة ومرنة معنا مطواعة في قراءتها ، هي في حقيقتها تحمل معلومات أنت تألفها أو أفكار أنت تؤمن بها ، وهذا سر من أسرار سهولتها ويسرها. وهي لم تخاطب فيك جديداً ،وقضاء وقتا في قراءتها هي بالنسبة لوقت القاريء الثمين ضرب من ضروب التسلية. يقول كاتب أمريكي : ( ليس هناك اصعب من قراءة مالا يستحق القراءة ) .
كما ان هناك كتباً هي في حقيقتها ليست موجهة لك ، كفئة مستهدفة من قبل المؤلف ، وفي الغالب أنك لا تحصل منها على الفائدة المرجوة .وقد لا تستطيع فهمها اما لصعوبتها او لغموضها . وهذا النوع من الكتب قد يحتاج الى قراءة كتب قبل الشروع في قراءته ، لكونها تشبه المفاتيح لذلك الكتاب ، فالمعرفة هي عملية تراكمية والتعرف على معلومة يسهل فهم معلومة أخرى تليها . وهناك كتب بها مصطلحات وعبارات تقع عليك مثل الصواعق دون شفقة او رحمة . وخاصة تلك الكتب التي تمس شيئاً من ثوابتك الفكرية أو عاداتك وتقاليدك والتي ترى أنك لا تستطيع معها الفكاك . والحقيقة انه يمكنك قراءة ما تشاء ونقده ما دام انك على ذلك قادر .
كما أن تبادل الخبرات والثقافات مع الأخرين هام وضروري . والاطلاع على الكتب من بيئة مختلفة او الكتب المترجمة رائع أيضاً . لقد كان السلف لا يعتدون بالعالم اذا لم يشد الرحال في طلب العلم ايماناً منهم بدور البيئة واثرها في الأثراء المعرفي . وتبقى الكتب الرائعة هي التي تطرح التساؤلات وتجد لذة في قراءتها كل مرة . .
والكتاب الذي لا ينقلك الى مرحلة أعلى من التفكير ، ويجعلك تطرح مزيداً من التساؤلات . فلا حاجة لك به فما تحمله ليس ألا أسفاراً محموله . ليس هناك كتاباً منزه عن الأخطاء غير القرآن الكريم حاشاه فهو كلام الله . وكل كتاب غيره يمكن نقده بطرح مزيداً من التساؤل لماذا وكيف ؟.
التعليقات