الإثنين ١٢ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٥ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

هل الأمة تعيش حقبة جاهلية حديثة – بقلم اللواء م . محمد مرعي العمري

هل الأمة تعيش حقبة جاهلية حديثة – بقلم اللواء م . محمد مرعي العمري

=

=

قد يثير هذا العنوان الغرابة لدى البعض على اعتبار أن الجاهليةَ قد ولَّتْ إلى غير رجعة وهي تلك الحقبة الزمنية التي سبقت البعثة النبويةَ الشريفةَ لخاتم الرُّسِل ومعلِّم البشرية سيِّدنا محمدٍ صلواتُ ربي وسلامُهُ عليه ما تعاقب الليل والنهار .

فقد هيمنت بعض السلوكيات ذات الإنعكاس المباشر على مبدأ المساواة وصون الحقوق لكل مكونات المجتمع الى جانب الوثنية والشرك بالله وعبادة الأصنام ، ومن تلك السلوكيات الخاطئة وأد البنات ، والرِّق ، وأكل حقوق الغير وفرض مبدأ الأمر الواقع بأن البقاء للأقوى من خلال شنِّ الحروب لأتفه الأسباب لأغراض السلب والنهب والقتل  والإعتداء على الأرواح والممتلكات .

لكن الواقع المؤلم في وقتنا الحاضر والذي يلمسه كلُّ ذي بصيرةٍ أنه بعد أنْ منّ الله على هذه الأمة بنعمة الإسلام ظهرت بعض مظاهر جاهليةٍ من نوعٍ آخر ممّا بدأ يطفو على السطح ويزداد ، وشاعت ممارساتٌ خاطئةٌ تخالف الدِّينَ الذي أكملَهُ الله لنا وأتمَّ به نعمَتَهُ علينا وأرتضى الإسلام لنا منهاجَ حياةٍ وطريقاً يؤدي الى الخاتمة السعيدة في الدار الآخرة ، ومن تلك الممارسات :

 

جحودُ النعمة المتمثِّل في العبث بها في مظاهر تبذيرٍ وبذخٍ ممقوتٍ ممَّا لم يعُدْ خافياً على أحد ، حتى طغى على علاقات الناس ببعضهم ما بات يُعرَف بالهياط الإجتماعي والتنافس غير الشريف في ممارساتٍ شتَّى .  أليست هذه من الجاهلية ؟؟؟ 

= 

وكذلك من مظاهر الجاهلية الحديثة ما شاع تداوله هذه الأيام عن إثارة تقسيماتٍ للقبائل ووضع إحصائياتٍ وأرقامٍ لا تستند إلى مصادر موثوقة من بعض من أضفوا على أنفسهم بلا ضوابط علميةٍ وأكاديميةٍ دقيقةٍ صفات الباحثين وهم غير مؤهلين لذلك ، بالرغم من أنه قد ثَبَتَ بالأدلة القاطعة ما تنطوي عليه تلك الإحصاءات من مغالطاتٍ وكذبٍ وافتراء .

 = 

فهل ذلك من الصواب في شيئٍ  ؟؟  أم هي جاهليةٌ بغيضةٌ في ثوبٍ جديدٍ ؟؟؟

 =

وأيضاً من مظاهر الجاهلية الجديدة في ذات السياق ما بدأنا نطالعه هنا وهناك من موضة مطالبة البعض بإجراء فحوصاتٍ مخبريةٍ للقبائل بواسطة الحمض النووي لمعرفة الأصول التي تنحدر منها بعض تلك القبائل الموجودة في الجزيرة العربية متناسياً من يطالب بهذا الحكمة الإلهية التي جعلت من البشرية شعوباً وقبائل لتتعارف وتتعايش مع بعضها بلا فوارق طبقيَّة وأن الدين الإسلامي الذي أختاره المولى سبحانه للعالمين أجمعين  قد حدَّدَ بأن أعلى مراتب الكرامة هي تلك التي تتحقق بالتقوى .

وكنت قد أشرتُ في مداخلةٍ سابقةٍ في أحد المنتديات بأن مثل هذا الطلب الغريب إن كان المطالَبون به يَرَوْن بأنهم على صوابٍ فهو حقٌّ أُريدَ به باطل ، وذلك لما في مثل هذا الإجراء من إثارة ردود فعلٍ إجتماعيةٍ وثقافيةٍ جمَّةٍ ليس هذا الوقت المناسب لإثارتها نظراً للأوضاع الراهنة التي تمرُّ بها الأمة والتي نحن فيها أحوج ما نكون الى الإلتفاف حول قيادتنا ولتقوية اللُّحمة الوطنيَّة وتقديمها على ما سواها ، وأرجح أن يكون إثارة مثل هذه الأمور هدفاً مغرِضاً وغايةً مدسوسةً ثمّ إن المجتمع السعودي المتماسك غير مهيأٍ لتقبُّل النتائج في هذا الخصوص . 

وأسأل المولى أن يبصِّرَنا بما ينفعُنا لمواجهة كل ما يلتبس على مجتمعنا وأن يجنِّب بلادنا وبلاد المسلمين شرور ومكائد الأعداء والله من وراء القصد وعليه الإتكال وإليه المآل .

=

 = 

مقالك37

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *