صليت ذات يوم قريب من تاريخ كتابة هذه المقاله في مسجد الملك خالد – رحمه الله – بأم الحمام بمدينة الرياض على جنازة قريب لي ومعه خمسة رجال وخمس نساء وطفل لا أعرفهم – رحمهم الله – جميعا .. وهذا العدد من الجنائز ليس بغريب في هذا المسجد أو في أي من المساجد التي تقام فيها الصلاة على الجنائز .
الغريب والعجيب هو منظر رأيته في المسجد من رجل تجاوز الأربعين من عمره فيما أظن .. لقد أثار فضولي ولفت إنتباهي وانتباه أغلب المصلين حينما دخل مع باب المسجد الغربي الشمالي متخطيا رقاب المصلين باﻹتجاه المعاكس حتى وصل إلى الصف الرابع الذي كنت أنا فيه ثم أخذ باﻹستداره يمينا متجها لجنوبي المسجد ثم استقر به المطاف في فراغ بالكاد ياخذه .. أجزم انه وصل إليه وهو لم يشعر .. ووقف فيه برهة من الزمن قبل أن يكبر لركعتي تحية المسجد ؟؟
كل هذا وهو منشغل بجهاز جواله ولم يرفع رأسه ولم يدر نظره عن الجهاز الذي كان في يده محدقا فيه وبكل إهتمام وكأنه يتصفح أو يتراسل مع شخص آخر ممن أبتلوا بهذه الاجهزة التي وامتحنوا بها .. غير آبه بروحانية المكان أو بمصيبة الموت ولا حتى بمشاعر المكلومين في أقربائهم ولهم نحيب، وحقهم من يواسيهم لا من يتخطى رقابهم وهو منشغل بجواله .
وقد يكون جاء للمسجد للصلاة على أحد المتوفين ولكنه إنفتن بهذه الفتنة التي لم يسلم منها إلا من رحم ربي .. أو كأنه داخل قاعة اختبار سيكمل مذاكرته قبل سحب المذكرة منه .
لا إله إلا الله لقد ماتت المشاعر وتبلدت الاحاسيس ولم يعد الموت مخيفا ولا واعظا لكثير من الناس . .. وقد سماه الله مصيبة حين قال تعالى ( إن أنتم ضربتم في الارض فأصابتكم مصيبة الموت ) وقال فيه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ( كفى بالموت واعظاً ) أو كما قال .. فمن لم يتعض بالموت فقلبه ميت .
والسبب والله أعلم عدم إستشعار الموقف وعدم الخوف من الله ولهذه الاجهزه دور كبير في تبلد الإحساس الذي عم الامه وخاصة الشباب منهم . … وسوف أفرد مقالة خاصة عن موضوع الهواتف النقاله لاحقا إن شاء الله .
والسلام عليكم ورحمة الله
التعليقات