الإثنين ١٢ مايو ٢٠٢٥ الموافق ١٥ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

عولمة الإرهاب – للكاتب أ. فيصل إبراهيم الشهري

عولمة الإرهاب  – للكاتب أ. فيصل إبراهيم الشهري

 

 

عندما وقعت أحداث التفجير والقتل في فرنسا . ظهر على السطح الإعلامي بعض ممن يشار لهم  بالصفوة المثقفة من كتاب المقال، وأدلى كل منهم بدلوه ليتضح للقارىء عورهم الثقافي  وأن ماكُتب لا يتعدى حناجر أقلامهم . فما كتب لم يكن الهدف منه الحدث بذاته . وأنما النيل من  خصوم منافسة إعلامية وقحة بعيده كل البعد عن التحليل المنطقي المستند إلى معلومات  ناجمة عن قراءة أو اطلاع ثقافي أو معرفي شامل.  


كما أتضح أن الرؤية السائدة لديهم هو أتباع ريح القطيع أينما اتجهت ولو أقلامهم شطرها  . كما أن الكاتب أذا لم يتحدث عن زاوية  جديدة تجعل القاريء يشعل مصباح التفكير ويحلل ويقارن. فلا حاجة له أن يستهلك وقت مقام القارىء الثمين. 


ولعله من الملاحظ على التطرف  الداعشي أن  أقامته لم تعد جبرية في مكان بعينه أو أن غطائها الديني معتقد ثابت لديها . نعم هي أتخذت من الدين ستاراً في بدايتها، وذلك لكونه  اقرب خماراً وجدته بجوارها يمكن أن تضعه ستاراً علي وجهها  حالة مولدها . 


غير أن بذورها ليست قائمة على الدين ،  كما أن تركيبتها الجينية مختلفة عن تلك التي كانت مالؤفه عن القاعدة والجماعات المتطرفة دينياً .   أنها هجين مستنسخ  من تطرف عالمي المكان ، وحاضنة فكرية متعددة المذاهب والثقافات والديانات . كل ذلك كان من نتاج تركة الحضارة المدنية في المرحلة الماضية وتدنى مستوى الفضيلة وظهور كثير من الحريات الغير مقننة والتي سمحت بتدني مستوى الأخلاق . 

 

كما سمحت معه بظهور عورة الخطايا والذنوب وعدم وجود حرج أو وازع ديني أو أخلاقي يمنع من ظهور الرذيلة  أو انتشارها . كما أن اختفاء الجانب الروحي في حياة كثير من المجتمعات وظهور الجانب المادي بصورة أعلى في حياة الإنسان  ساهم بشكل مباشر في وجود فواصل ثقافية بين الأجيال  كان من نتاجها الإمراض العصرية المنتشرة مثل الإكتئاب والتوحش والأنطواء والميل إلى التعبير عن الانفعالات بالعدوانية أو التحفز الدائم للقتال .

فوجود مثل هذه الإعراض على مسرح الحياة الإنسانية كان يمكن السيطرة عليه في الماضي بسهولة. غير أن النقلة التي حدثت من خلال الإعلام المفتوح ومواقع التواصل المجانية ونظام العولمة الأقتصادي والثقافي ،  أوجد مجموعة من شباك الصياد لتجنيد الشباب من أجل الأنتحار لخدمة قضاياهم على مستوى العالم . كما ان مواقع التواصل ساهمت  في سرعة تواصلهم  رغم أختلاف أهدافهم وأفكارهم إلا أنهم يجتمعون في فكر واحد وهو المرض والموت من أجل الموت نفسه .

 

كما ساهمت أنظمة العولمة الأقتصادية  والثقافية والمعرفية في صنع حاضنة أستنسخت مفاهيم أخرى مثل عولمة الإرهاب  وعولمة الرذيلة وعولمة الجنس وغيرها  . كلها مصطلحات يعملون على تخفيزها لا هدف لها الا الإنتحار والموت من أجل الموت . وهذا ما عبر عنه المفكر والفيلسوف الفرنسي  الراحل ( جان بودريار) في أحداث الحادي عشر من سبتمبر حيث لم يسارع كغيره ..


وينسبها إلى تصارع الأديان أو أنها تصارع حضارات أو أنه الإسلام أو العرب بل وقف وحذر من أنها العولمة التي وضع بذورها الغرب ولم يستطيعوا التحكم في ثمارها  فقد نظروا إلى إيجابياتها وتجاهلوا سلبياتها  كما حذر أيضا  من الصورة المهيمنة على الحياة الأمريكية وهي ثقافة الموت والانتحار والعنف . وهو مايروج له في أفلامهم الحركية الحديثة وتنشره وسائل الأعلام  يمهد لذلك أيدلوجيات قديمة تجد أن الموت هو خلاصها الوحيد .  وقال مقولته المشهورة ( أنهم يقاتلون بموتهم وليس بثقافتهم )

ولعل الجميع يلاحظ تسارع المتغيرات التي ظهرت في العقد الأول من القرن الحالي وهو سقوط دول كانت قائمة وإفلاس دول كانت مستقره . ولم تعد أمريكا تمثل قوة عظمى كما كانت وأصبحت تفقد قدرتها على ممارسة شرطي العالم. و أصبح العالم  اليوم على قناعة بأن يتخلص من الشرور التي جمعها في الماضي وأن يسدد ثمن إهماله للقيم والأخلاق وأن الحريات المفرطة والغير مقننه هي وبال وعار  على الإنسانية  والمستفيد دائما من الحريات المفتوحة هم من ينادون بالرذيلة او يسعون الى الفوضى ولعل الفيلسوف الفرنسي( جان بودريار) ..

 

لو كان موجوداً اليوم لكتب في الصحف الفرنسية مثل مقاله  (روح الإرهاب) الذي نشره مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) 2001 في صحيفة ( لو موند )  تناول بودريار تفجيرات 11 أيلول ( سبتمبر)، إن الإدانة الأخلاقية لما حدث، والوحدة المقدسة حول شعار الحرب ضد الإرهاب … هما في مستوى الفرحة العظيمة لرؤية الدمار الذي لحق بالقوة الأميركية العظمى. بل أكثر من ذلك: رؤيتها وهي تدمّر ذاتها، وتنتحر بتلك الطريقة الرائعة. فتلك القوّة هي التي غذّت كل هذا العنف المنتشر في العالم، وأشعلت ذلك الخيال الإرهابي الذي يسكننا جميعاً من دون أن نعلم )

 

 

مقالك248

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *