إن من المُثير للعجب في واقعنا المعاصر تلك التساؤلات الدائمة المستمرة، التي لا تكاد تنتهي حتى تبدأ من جديد، والتي تدور حول ما نحن فيه في عالمنا الإسلامي من خلافٍ واختلافٍ حول رؤية الهلال مع مطلع كل شهرٍ قمري. وهو ما نلحظُه بوضوحٍ وجلاءٍ في بداية شهر الله المحرم، وعند بداية شهر رمضان المبارك ونهايته، ومع إطلالة شهر ذي الحجة من كل عام.
ودون الخوض في جوانب هذه القضية، وما قيل فيها من الأدلة التشـريعية التفصيلية المتعلقة برؤية الهلال، وكيف تكون، أو تلك الرؤى المتعلقة بالحسابات العلمية الفلكية المرتبطة بهذا الشأن، فإنني أتساءل – ومعي معظم أبناء الأمة المسلمة في مشارق الأرض ومغاربها – عن السبب الذي يجعلنا نتجرع مرارة الخلاف والاختلاف في هذا الشأن عاماً بعد عام؟ وموسمـاً إثر موسم؟ وحيناً بعد حين؟
هل يُعقَل أن يعجز أهل العلم في عالمنا الإسلامي، وما فيه من مرجعياتٍ علميةٍ ودينيةٍ، عن احتواء هذه القضية الكُبرى، والعمل على حلها بمـا يتواءم مع ظروف العصر ومعطياته الحضارية، ولاسيما أن مثل هذه القضية ليست شأناً شخصياً أو هامشياً أو مناطقياً أو نادراً في حدوثه؛ فهي – كما نعلم جميعاً – قضيةٌ تهمُّ قريباً من مليار ونصف المليار مسلم، ينتشـرون على سطح الكرة الأرضية في وقتنا الحاضر؛ ومن الضروري أن تحظى بحقها المشروع والمفترض من العناية والاهتمام على مختلف الأصعدة؟
وهنا أقول: إن أخشى ما أخشاه أن نُضطر إلى اتباع الرأي القائل بأن علينا – نحن المسلمين – في ظل اختلافنا الدائم حول هذه القضية، وعجزنا الحالي عن حل هذه الإشكالية، أن نلتمس الحل، وبخاصةٍ فيما يخص يوم (عاشوراء)، في انتظار إعلان اليهود تاريخ يوم عاشوراء من كل عام، ولاسيما أنهم شركاء معنا في الاهتمام به وصيامه! وعندها يتضح لنا الأمر؛ فنصومه ونصوم يوماً قبله أو يوماً بعده!
أما الحل الذي لا أرى غيره أصوب منه فيتمثل – والله تعالى أعلم – في أن نعتمد على الرؤية المنصوص عليها في الحديث النبوي الشريف، ولكن ليس بما يُسمى (الرؤية بالعين المباشرة)، وإنما باستخدام الآلات والمناظير والأجهزة الحديثة المنضبطة بالضوابط العلمية الشرعية التي سخَّرها الله تعالى لنا في هذا الزمان، التي يقوم عليها من يوثق في دينه وأمانته من أبناء المسلمين المختصين. وبذلك تُحسم هذه المسألة التي كثُر الخوض فيها دونما نفعٍ أو فائدة. والحمد لله رب العالمين.
التعليقات