في هذا البلاد المباركة على اتساع رقعتها الجغرافية واختلاف ثقافات أبنائها وتعدُّد انتماءاتهم الفكرية والدينية ننعم بوحدةٍ وطنيةٍ فريدةٍ قلّ أن توجد في أي مكانٍ آخر من هذا العالم .
أكتب هذا – وأنا أعني ما أقول – بحكم تعدد مناطق العمل التي تشرّفتُ بالعمل فيها على مدى أكثر من ثلاثة وثلاثين عاماً ، فقد لمست عن كثبٍ لدى الغالبية من أبناء المملكة على أختلاف انتمائهم المذهبي لمست فيهم المواطَنَةَ الحقيقيةَ ولا أقول الوطنية فالوطنية هي مجرد حمل وثيقةٍ رسميةٍ للتعريف بحاملها ، أما المواطَنة فهي الإنتماء والولاء وهذه نعمةٌ نحسد عليها .
ولقد تجسّد هذا التلاحم فيما طالعتنا به نشرات الأخبار ووسائل الإعلام المختلفة عن زيارة المواساة والعزاء التي قام بها سمو سيدي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية يوم أمس الى محافظة القطيف عقب ما أسفرعنه الحادث الأليم والجبان الذي خطط له ونفذه من أعمى الله بصائرهم ولم يراعوا حرمة بيتٍ من بيوت الله ولا حرمة دماء المسلمين الآمنين ،
ولقد تناقلت كثيرٌ من وسائل الإعلام والتواصل المجتمعي الحوار الذي دار بين سموه يحفظه الله وبين أحد الأشخاص الجهلة الذي أجزم بأنه إمّا أن يكون منتمياً لفئةٍ مشبوهةٍ أو مدفوعاً ليتفوّه بما تفوّه به كي يُظهِرَ نفسه أنه استطاع قول ما لديه دون وجل .
وحقيقةً أُدرِكُها جيداًوهي أن كثيراً من عقلاء المواطنين الشيعة لا يوافقون ذلك الأحمق فيما ذهب اليه ، بل أنهم يرون بأن صمّام الأمان هو في التسليم المطلق والثقة الكاملة بقيادة الدولة ورعايتها وإهتمامها بمواطنيها في أي بقعةٍ على ثرى هذا الوطن الغالي .
غير أن ذلك لا يجب أن يمر مروراً عابراً ، فما تلفّظ به ذلك الشخص ليس سوى تعبيرٌ عمّا يحمله بعض من يعيشون بيننا من الحاقدين والعاقُّين لوطنهم سواءً ممّن يرون بأن ولاءهم لأطرافٍ خارجيةٍ تحرّض على الفتنة وبثّ الفرقة بين أبناء المملكة للنيل من هذا النسيج الوطني الفريد ، أومن الظلاميين التكفيريين ومنهم المتورطون في حادثة الإعتداء الأخيرة ، وكلا الفريقين عدوٌ للوطن يجب أن لا يُسمَح لتوجهاتهم وأهدافهم أن تتحقق ولن يتأتى ذلك الاّ بتظافر جهود الجميع مع الدولة .
فقد تجلّى لنا نفاذ البصيرة والحنكة والأناة التى ينفرد بها ولاة أمرنا – أيدهم الله بنصره – ومن ذلك الرد الشافي الوافي الذي ردّ به سمو ولي العهد حيث جاء في كلماتٍ قليلةٍ لكنها تحملُ مضامين هامةً وأشبه بخارطة طريقٍ جليَّة لكل من تسوِّل له نفسه أن يحيد عن الجادّة ، وفي هذا النهج الذي تنتهجه هذه القيادة الراشدة فلاح وصلاح البلاد والعباد بحول الله وقوته .
دمت ياوطني بخيرٍ ورفعةٍ بإذن الله .
التعليقات