إن الاستثمار الحقيقي لأي دولة متقدمة في العالم يكمن في رأس المال البشري، وحكومة المملكة العربية السعودية ومنذ عهد المؤسس طيب الله ثراه وضعت جُل اهتمامها في التعليم والرقي بأبنائها في كافة المراحل الدراسية وحتى الجامعية، ومنذ تم إقرار برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي وأبناؤنا المتميزون يحصدون أفضل المراكز على مستوى العالم، وفي أفضل الجامعات في دول الابتعاث، وينافسون أقرانهم من أبناء تلك البلدان، بل ويتميزون، ويحققون جوائز علمية متقدمة تفوقوا بها على غيرهم في تلك الدول.
وفي كل عام يعود المئات من أبنائنا يحملون أفضل الدرجات العلمية المتقدمة، ويقدمون عصارة فكرهم، وعلمهم، لبلدهم، ومواطنيهم، في الوقت الذي لازال الآلاف على مقاعد الدراسة في أكثر من خمس عشرة دولة حول العالم، ينهلون العلم ويتقدمون في المعرفة، فإن المئات من المميزين من أبنائنا الطلاب في دول الابتعاث ممن التحق بالدراسة على نفقته الخاصة يعانون الأمرين بسبب عدم إلحاقهم ببرنامج خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ على الرغم من أن الآلية التي كانت متبعة كانت مبنية على عدد من العوامل التي تضمن أن الطالب يدرس في معهد أو جامعة معترف بها، وأنه خلال الأشهر الأربعة الأولى من دراسته متميز وحاصل على درجات عالية، ومتابع من قبل الملحقية، ويدرس في تخصص معتمد من قبل التعليم العالي، هذه الاشتراطات كانت تطبق بحق الطلاب في بلد الابتعاث ومتى ما تحققت يتم إلحاقهم بالبعثة مباشرة، ويعتذر لأولئك الذين لم يحققوا الشروط المطلوبة.
واليوم.. ومنذ ثمانية أشهر يعاني أبناؤنا الطلاب ممن يدرسون على حسابهم الخاص إيقاف قبولهم للالتحاق بالبعثات، رغم تفوقهم الدراسي، وتحقيق كل الاشتراطات المطلوبة، حيث جاء هذا القرار فجأة دون سابق إنذار، في الوقت الذي كانت الملحقيات الثقافية وبوابة التعليم تسهل قبولهم، فوجئوا بإعلان الملحقيات عدم قبولهم بعد أن وصلوا لبلد الابتعاث بناء على ماكان يتم من قبل التعليم العالي بقبولهم مباشرة فور توفر الشروط آنفة الذكر، ومنذ ثمانية أشهر فإنهم يعانون معاناة كبيرة عصفت بهم عند رفض قبولهم، وعلى مدى تلك الفترة، وبعد أن استمروا لثمانية أشهر اضطر أغلب هؤلاء المبتعثين وأولياء أمورهم لبيع ممتلكاتهم، لمحاولة تغطية النفقات الدراسية والمعيشية لأبنائهم، حتى أن البعض باع ماكان يمتلكه من أغنام، ومزارع، مقابل الوفاء بمتطلبات ابنه المبتعث والذي يتأمل عودته يوماً ما يحمل مؤهلاً علمياً يرفع به رأسه ويفخر به لخدمة هذه البلاد.
هذا التنظيم الذي جاء فجأة دون سابق إنذار، أضر بالمئات من المبتعثين على حسابهم الخاص، ولو أن التعليم العالي كان واضحاً في هذا القرار وأعلن أنه يتم تطبيقه من العام المقبل لكان الأمر أخف وطأة على الطلاب وأسرهم، ولم يكن ليغامر أحد منهم بعد معرفته بالقرار وقبل تطبيقه بوقت مناسب.
واليوم تتجه أنظار هؤلاء الطلاب وأسرهم إلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، ولصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد وزير الدفاع والذين يتواجدان اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية التي تضم مئات المبتعثين المتضررين، وذلك للتدخل في حل قضيتهم ومساعدتهم في قبولهم ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين.
هؤلاء الطلاب تكرم سمو ولي ولي العهد بلقائهم أمس، واستمع إلى مبايعتهم لولي العهد وولي ولي العهد، وناشدوه خلال مقابلتهم ضمهم لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث بعد أن يئسوا من مناشدات وزارة التعليم وإرهاق تكاليف الدراسة، مبدين تفاؤلهم بتحقيق مناشدتهم وضمهم لمواصلة دراستهم.
إن هذا ما اعتدناه من ولاة أمر هذه البلاد المباركة منذ أنشأ هذا البرنامج وهم يتفضلون على أبنائهم الطلاب في كل زيارة لبلد الابتعاث بلقاء المبتعثين، وسماع مشاكلهم، ومباركة نجاحاتهم.. وكلنا واثقون بأن سمو ولي العهد وسمو ولي ولي العهد لن يخذلوا إخوانهم المبتعثين الذين لجئوا لهم بعد أن ضاقت بهم الحيل .
التعليقات