بدون مقدمات دخل علينا المحاضر الايرلندي قائلاً: اننا نعيش في عالم متغير وفي بعض الاحيان يتغير بسرعة رهيبة لا سيما في مجال الصحة وهذا بحد ذاته يضع ضغطاً كبيراً على القادة فإما ان يكونوا قادة لهذا التغيير المتسارع واما ان يرحلوا، ثم امسك فجأة بصاحبي الانجليزي الذي يقود احدى المؤسسات الصحية وسأله : هل تؤمن بالتغيير؟ فأجاب : نعم، عندها بادره سريعاً بسؤال آخر : وهل تقبل بالتغيير إذا كنت اول من يطاله هذا التغيير؟ هنا لم يتردد صاحبي في الاجابة وقال نعم اذا لزم الامر. بالله عليكم لو كان من أجاب على هذا السؤال « عربيا » فهل تراه يقبل ان يكون اول من يطالهم التغيير؟ لا ومليون لا!! اذن فالمشكلة هي مشكلة « ثقافة » فشعوب ترى التغيير من سنن الحياة وتتقبل التغيير برحابة صدر وشعوب ترى ان التغيير هو بمثابة اعلان حرب عليها، لذلك فإن من الضرورة بمكان ان يتعلم ابناؤنا ثقافة التغيير منذ الصغر وأن يتعود عليها مجتمعنا فليس كل من طاله التغيير «سيئا» بقدر ما هو «شمعة تُنير او صخرة تُعيق» الطريق للوصول الى الأفضل.
يقول الدكتور صالح بن علي ابو عراد: «الحمد لله الذي يُغير ولا يتغير، ويُبدِّل ولا يتبدل والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ الذي جاء بمنهج التغيير نحو الأفضل ثم ان دين الإسلام العظيم، وتربيته الإسلامية السامية، قد قرّرت قاعدة «التغيير» في حياة الإنسان المسلم ومن ثم في المجتمع المسلم، وهو ما يُشير إليه قوله تعالى «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ» ثم يذكر في نهاية كلامه عن التغيير بأن التغيير لا يمكن أن يكون إلاّ من الداخل، ولا بُد أن ينبع من قناعةٍ داخل النفس، وأن التغيير يحتاج إلى البدء الفوري فيه، وسرعة المبادرة إليه، وعدم التسويف أو التأجيل والتأخير. أتوقف عند هذا الحد مما ذكره الدكتور ابوعراد وأناشد قومي- ممن يتربعون على كراسيهم لسنين طويلة– أن يتفكروا بما سبق ذكره ويعلموا بأن رب الارباب هو وحده الذي لا يتغير وأن من رسم لنا منهج التغيير الى الأفضل هو رسول الهدى سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأن التغيير هو من ديننا الحنيف وليس مستورداً من الشرق او الغرب، لذلك يتوجب عليهم ان يتقبلوا التغيير بروح طيبة وان يفسحوا المجال ويعطوا الفرصة لمن يستطيع ان يقدم الأفضل لهذا الوطن.لكن الواقع يقول– وياللأسف- ان بعض هؤلاء ممن بقوا في اماكنهم لفترات طويلة قد تبلد فيهم الاحساس وفقدوا القدرة على الابداع والبعض منهم فقد القدرة على التمييز بين الخطأ والصواب فبينما الأمور تتدهور وتزداد سوءاً تجدُه يتكلم عن الجودة والوصول الى الكمال والبعض الآخر يعتقدُ انه صمام الأمان لهذه المنظمة وهو المِعولُ الذي يُدمرها، اما الطامة الكبرى فهو من يعتقد انه الامين على مُقدرات هذه المنظمة ولا يعلم انه بحرصه الزائد وغير المُبرر يهوي بمنظمته الى عصور الظلام. نعم انها هذه الفئة من المسئولين الذين يعتقدون انهم خارج نطاق التغيير فهم لم يقرأوا كتاباً ولم يحضروا دوراتٍ تدريبية لسنين طويلة لأنهم يظنون انهم أعلى من ان يقرأوا او يجلسوا على مقاعد العلم، نعم ان هذه الفئة هي سبب تخلُفِنا وأول من يجب أن يطالها التغيير. اما القادة الناجحون فهم من يبادر بالتغيير الفوري بلا تردد ويتأكد من ألا يكون من ضمن فريقه من لا تنبع القناعة بالتغيير من داخل نفسه ولا تنطلي عليه محاولة البعض منهم خداعه بالتظاهر بقبول التغيير.
التعليقات
تعليق واحد على "ثقافة التغيير شمعة تُنير – للدكتور عصام الخرساني"
هذه ثقافة مجتمع تغييرها يحتاج لجهود اجيال واجيال لينعم بها احفادهم دائما طرحك رائع د.ابو علي