لا يخفى على الكثيرين من المعنيين والمهتمين بالعمل في الملحقيات الثقافية السعودية المنتشــرة في كثير من بلدان العالم ما يعانيه الطالب السعودي المبتعث من الإشكالات العديدة التي قد تواجهه أو تواجه بعض أفراد أسـرته المرافقين له في مكان دراسته، والتي قد تسبب له الكثير من المتاعب والمصاعب في شتى المجالات، سواء كانت تلك المشكلات متعلقة بإجراءات القبول في الجامعات، أو بنظام الدراسة فيها، أو أنها مرتبطة بالعلاج في الـمستشفيات والمصحات الطبية، أو خاصة بطريقة السكن ونوعية العلاقة مع الآخرين، أو ذات علاقة بإجراءات السفر والتنقل، أو نحو ذلك مما يكون متجدداً ومتنوعاً حسب طبيعة البلاد المبتعث إليها، أو حسب إمكانات الطالب نفسه، أو نحو ذلك مما يصعب تحديده أو حصـره.
وقد أسعدني لقائي في إحدى زياراتي لـمـاليزيا بسعادة الملحق الثقافي هناك، وهو الأستاذ الدكتور/ زايد بن عجير الحارثي، الذي أوضح لي ما أقدمت عليه الملحقية في تلك البلاد مؤخراً من تنفيذ فكرة رائدة، تستهدف خدمة الطلاب المبتعثين. وتتمثل الفكرة في اعتمـاد الملحقية فكرة تقنية رائعة ورائدة وعصـرية، سميت بـ (جوال المبتعث)؛ إذ تم تخصيص رقم موحد لجوال، يحتفظ به الملحق شخصياً، ويحمله معه حيثمـا كان. وكانت الملحقية قد عممت رقم الجوال على المبتعثين في حفل نظمته الملحقية منذ ثلاثة أشهر تقريباً لغرض تفعيل فكرة التواصل السـريع والفاعل والإيجابي مع الطلاب المبتعثين للدراسة في مختلف المراحل العلمية بالجامعات الماليزية، الذين يقارب عددهم (1500) مبتعث تقريباً، ومعهم أفراد عائلاتهم، وذلك من خلال الاتصال المباشـر وتبادل الرسائل ومحادثات الواتس أب.
وأضاف الملحق بأن فكرة جوال المبتعث تقوم على أساس استقبال المكالمات والرسائل من المبتعثين بشكل مباشـر على مدار الساعة، مؤكداً أنها حظيت – ولله الحمد – بالقبول والرضا عند الطلاب الذين استقبلوا تلك الفكرة بالترحيب والتجاوب الكبير، وبخاصة أنهم لمسوا بأنفسهم مدى النفع والفائدة المتحققة من خلال إسهام الجوال الإيجابي في تعزيز وسائل التواصل السـريع والمباشـر فيمـا بينهم وبين الملحق والعاملين معه، وسـرعة إبلاغ التعليمـات والتوجيهات لهم، وإمكانية تزويدهم بالجديد من الأخبار والأنظمة والمعلومات، إضافة إلى دور الجوال الفاعل والملحوظ في حل كثير من الإشكالات المحتملة الوقوع لهم ولأفراد أسـرهم خلال دراستهم، إضافة إلى إمكانية التواصل الفوري والسـريع مع الطلاب المبتعثين وعائلاتهم، ومتابعة حالاتهم وظروفهم بشكل نظامي، ولاسيمـا في حالات الطوارئ أو الظروف الصعبة التي قد يتعرض لها المبتعث أو أحد أفراد أسـرته.
ويأتي من أبرز منافع فكرة (جوال المبتعث) خدمة الملحقية في مهمة المتابعة المستمرة للمبتعثين بصورة مباشـرة من أي مكان، ولاسيمـا في المناطق والمدن البعيدة عن العاصمة؛ إذ إنه يوفر عليهم الكثير من الوقت والجهد، إلى جانب أن فكرة الجوال تسهم في تهيئة المبتعث للتأقلم مع البيئة التعليمية والاجتمـاعية والقانونية في البلد المضيف، ولها دور بارز في خدمة الأندية الخاصة بالمبتعثين في ماليزيا، وعددها (أربعة) أندية. ويضاف إلى ذلك الدور الواضح في كسـر الحاجز الذي قد يوجد بين المبتعث والعاملين في الملحقية.
من هنا، فإنني أحيي أستاذي الدكتور/ زايد الحارثي على هذه الفكرة الرائدة، وأحيي جميع الإخوة العاملين في الملحقية الثقافية بمـاليزيا على تفعيلهم لهذه الفكرة، ومتابعتهم لها، التي أتوقع أنها الأبرز والأكثر نجاحاً على مستوى الملحقيات الثقافية السعودية في العالم. كمـا أتمنى من الجهات المعنية في وزارة التعليم العالي تعميم فكرة جوال المبتعث على مختلف الملحقيات، ودراسة أفضل السبل للإفادة الإيجابية منها في خدمة طلابنا المبتعثين في مختلف بلدان العالم.
التعليقات