الجمعة ٢٣ مايو ٢٠٢٥ الموافق ٢٦ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

النماص .. تسحر العقول قبل العيون، شامخة بوجودها على جبال السروات

النماص .. تسحر العقول قبل العيون، شامخة بوجودها على جبال السروات

 

 

 

 

صحيفة النماص اليوم :

 

 

 

تتوسط النماص عقد جمال الطبيعة في المملكة، التي تقع بين الطائف وأبها، تسحر العقول قبل العيون، شامخة بوجودها على جبال السروات، تهدهد السماء على أرضها، فتطبع قبلة الضباب على جبينها، فيعم الدفء في أوصالها، فتتراقص فرحًا بخضرة زرعها. ورغبة من «المدينة» في كشف كنز من كنوز الطبيعة في المملكة، فقد أجرت جولة في مدينة النماص، التي تمتلك جميع مقومات الجذب السياحي بما حباها الله من طبيعة خلابة ساحرة ومناخ معتدل لطيف. فيجتمع في النماص جمال المكان وكرم الإنسان، الذي يهيم عشقًا بسكناها، ويحافظ على أصالته وتاريخه وعاداته التي ورثها عن آبائه وأجداده، فضلًا عن عبق التاريخ الذي يفوح من أرجائها، فتضم بين جنباتها مسجد صدريد، الذي يعود بناؤه إلى عام 110هـ، ومسجد الأعاسرة في بني عمرو ويعود بناؤه إلى عام 190هـ، ومسجد الجهوة ويعود بناؤه إلى عام 250هـ، بالإضافة إلى القصر الأندلسي. وبالغوص في ماضي المنطقة، وطبيعة الحياة فيها، فيظهر الاختلاف جليًا عن الحاضر، فقد كانت المنازل مكونة من دورين وثلاثة، حيث يجتهد أصحابها في تقويتها، إلى حد أن يصل عرض الجدار إلى متر ونصف المتر، وأهم ما في البيت على كبره مجلس الاستقبال، وعلى سعته فلا يوجد فيه سوى نافذة واحدة كبيرة أو نافذتين؛ خشية تسرب البرد إلى داخل البيت مع وجود الضباب. وعن لباس الرجال فكان يحاك من البفت والدوت، والصوف الملون ويوضع تحت الثوب الأبيض وأحيانًا يكون الثوب الأبيض مفرجًا من يديه، يتدلى له كمان طويلان، وهي عادة انتهت الآن، ويلبسون الغترة، والعقال، والطاقية تحت الغترة ومن فوقها العقال. ولابد من الجنبية في الوسط وهي نوعان: ذريع يعني كبيرة تقوم مقام السيف، وصغيرة للزينة فقط، وبعضها ذات حد فتاك وجميعها تحلى بالفضة ونادرًا بالذهب، وأحيانًا تكون الرؤوس في الصغار منها من القرون الفاخرة التي تبلغ قيمتها وقتها أربع مئة ريال، أي ما يعادل أربعين ألف ريال اليوم. أما لباس النساء فكان من القماش الأسود ويسمى «الدبيت» والأحمر، والأزرق، والأصفر، وهي أنواع منها البصمة والستن، والمل، والحرير، كذلك الشيلة وهي الخمار الأسود والمنديل. أما حزام المرأة فمن قماش تشد به المرأة وسطها ليساعدها على العمل وأحيانًا من الجلد أو الفضة أو الذهب وذلك عند بيوت خاصة ذات طول وعراقة في الثروة. كما توجد أنواع أخرى مما تلبسه النساء مثل الحرير ومن أحزمة الفضة والذهب والخواتم وما يوضع في المعاصم من حلي من ذهب أو فضة أو صفر، والكوت والمشلح والبيدي، وغالبًا ما تكون من صنع محلي أو مجاور. وكان اللحم لا يوجد إلا يوم السوق الأسبوعي، وغالب المعايش من البر والشعير والذرة، وتفاديًا لما قد يلزم أثناء الأسبوع في غياب اللحم فإن القادرين منهم يستعدون بذبح طلي وتقطيعه قطعًا صغيرة جدًا حتى لا تميز لحمه من عظمه، ثم يقلى على النار إلى درجة يذوب فيها شحمه مختلطا بلحمه وعظمه، ثم يترك في قدرة وعند اللزوم يؤخذ منه بملعقة كبيرة ويعاد قَليْه، وإضافة ما يتطلبه من خضار أو أرز. ولهم طريقة في صنع الذرة لطيفة حينما تعمل باللبن ثم يغشاها السمن والقشدة وتسمى «مشغوثة» فتصبح من أفضل الأغذية. ويمتاز ساكن النماص عن جيرانه بجمال النظرة والنضارة ونظافة اللباس وهندمته وكمال الأجسام، لما في مدينتهم من آثار حضارة سابقة أو متحضرين سكنوا بها وأثروا فيها وفي أهلها ببعض العادات. وكان مجلس الضيوف في الدور الثاني إلا لمن بيته دور واحد، وغرفة الحريم تكون في أعلى دور من البيت أو مجاورة لبقية الغرف إن لم يكن غير دور، أما الدور الأول من البيت فهو من نصيب المواشي وغذائها إذا كان البيت ذا دورين أو ثلاثة. ولا يوجد ألعاب رياضية سوى رياضة الأعمال الدائمة في إصلاح الزرع أو رعاية الماشية أو قطع الشجر أو غرسه أو ممارسة التجارة كشد الإبل ونحوه. ولهجات أهل النماص خفيفة لطيفة يستعملون الياء بدل الجيم، وقد نسب إلى بعض فصحاء الشعراء قوله يخاطب شجرات له في بلده: إذا لم يكن فيكن ظل ولا يَنى فأبعدكن الله من شيرات يقصد جنى وشجرات، ومخرج الكاف يقرب من مخارج الحلْق. أما الشين التي تحل محل الكاف في خطاب المؤنث عند الجنوبيين إلى أبها في مثل عليش في عليك فقد قيل إنها لها مستند من شعر ذى الرمة أو ابن مقبل.

 

 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *