السبت ٣ مايو ٢٠٢٥ الموافق ٦ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

مؤرخ جدير وتأريخ كبير – للكاتب الدكتور / أنور العزاني

مؤرخ جدير وتأريخ كبير – للكاتب الدكتور / أنور العزاني

 

 

 

حين شرعت في كتابة هذه الورقات في عمل الدكتور غيثان التأريخي ، الموسوم بـــ ” القول المكتوب في تأريخ الجنوب ( جازان ، عسير ، ونجران ) كنت أظن أني قادر على أن أمشي في كتابتها لا يغير شيء علي حتى أبلغ نهايته … فكان الذي ظننت ! غير أني تفاجأت بهذا الجمع التأريخي الكبير للوقائع والاحداث ومسرد الوثائق والمصادر عن المنطقة التهامية والسروية ( جازان ، عسير ، ونجران ) وقراءة المصنف الواسعة في الوثائق والمصادر التأريخية : قديمها وحديثها .

 

ووجدت للمصنف في فصول قولهالمكتوب في جزئه السادس غرضا واحدا ، وإن تشعبت إليه الطرق والمسالك ؛ وهو رفع اللثام عن حقائق تأريخية جديرة بالتتبع والدرس ، وكشف الستار عن تأريخ كبير في المنطقة التهامية .

 

ولعل في ما يأتي دليلا بيّنا على هذا الجمع العلمي ، الغزير في مادته ، المفيد في حقيقة الموروث الثقافي ؛ إذ حوى الجزءالسادس محاور متعددة ؛ نحو : محورجازان في بعض المصادر والوثائق خلال العصر الإسلامي المبكر والوسيط والحديث.. وتكمن أهمية هذا المحور في احتوائه على شيء تأريخي نفيس وهو الوثائق الخاصة في مكتبة المصنف المؤرخ ، التي لم تنشر من قبل .

 

وكان محور القسم الثاني محيطا إحاطة غير قليلة بالألعاب الرياضية ، ووسائل التسلية ، والفنون الشعبية والتشكيلية في المنطقة التهامية والسروية ( جازان وعسير ) خلال القرنين : الرابع عشر والخامس عشر الهجريين ، وهي من الصور الحضارية ، التي تعكس حياة المجتمعات والشعوب .

 

أما محور القسم الثالث فجاء حديثا في أنموذجات من لهجة السروات ، وأصولها في بعض المصادر والمعجمات العربية القديمة ، ولا يخفى على أحد أن المنطقةالسروية والتهامية ( جازان ، عسير ، ونجران ) غنية بالموروث الثقافي الحضاري واللهجات – كما فصّل ذلك المؤرخ المصنف د. غيثان – التي تعد ركائز أساسية في هذهالبلاد السروية والتهامية ... ومن عجيب أمر تلك اللهجات أن ثمة مفردات لغوية محلية ما زالت مستعملة عند عامة الناس في سروات عسير .

 

وكان محور القسم الرابع في سفر غيثان التأريخي صفحات من تأريخ المنطقةالسروية والتهامية ، الحديث في أقوال من رآها أو قرأ عنها شيئا … مستندا – في ذلك – إلى مصادر حية عاشت في المنطقة ، ودونت عن بعض الجوانب التأريخية ، والحضارية من حيث الوضع الجغرافي ، وصور من الحياة الاجتماعية في المجتمع ، والأطعمة والأشربة ، والألبسة … وعادات الناس الاجتماعية وفنونهم … وصور من الحياة الاقتصادية من حيث اشتغال الناس بالزراعة ، والصيد ، وفي بعض الحرف التقليدية والصناعات اليدوية .. إلى غير ذلك .

 

وفي تقديري أن محور القسم الخامس شيء عجيب ونفيس حقا ؛ إذ جمع فيه المؤرخ د. غيثان فهرست وثائق وبحوث غير منشورة عن سروات عسير الممتدة من تمنية والفرعاء ( القرعاء) والمسقي جنوبا إلى سراة خثعم وشمران وعليان شمالا .. وكانت من محفوظات مكتبته الخاصة في مجالات فكرية متعددة .

 

بعد قراءتي القول المكتوب في تأريخ الجنوب.. يكون حقا عليّ واجبا أن أشهد أن هذا العمل التأريخي سفر نفيس في حياة المنطقة التهامية ، وإماطة اللثام عنحقائقها التأريخية والحضارية و الثقافية مما لم أكن أعلم .. وكشف الستار عن رجل فكر وتأريخ وثقافة كان له أثر كبير في إخراج جواهر التأريخ والحضارة والثقافة والفكر في المنطقة التهامية .

 

ثمة شيء جدير بالتأمل والتفكر في هذا السفر التاريخي أنه كشاف علمي رصين لكثير من العنونات العلمية ، التي تصلح للدراسة العلمية الجادة في مساق الماجستير أو الدكتوراه ،التي اقترحها المصنف المؤرخ في قوله المكتوب على طول صفحات الكتاب .

 

ومما أنصح للمؤرخ الدكتور غيثان – وهو قدير على ذلك وبه جدير – أن يولي الجانب اللغوي ، والمحافظة على اللغة السليمة ، الخالية من الخطأ والضعف رعاية أكثر في كتابة مصنفاته العلمية ؛ فقد لحق هذا العمل العملي الجدير بعض الخطأ والضعف في صياغة تراكيبه وكان الأولى بالمصنف المؤرخ أن يدفع به إلى أهل اللغة والتدقيق ؛ حتى يستوي السفر العلمي على سوقه بما يجمع من قوة الوثيقة التأريخية ورصانة اللغة وجزالتها وسلامتها من الخلل والضعف .

 

…سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْـعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ،وَسَـلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ، وَالْـحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَـالَمِينَ…

 

كتبه :

د. أنور محسن أحمد العزاني

أستاذ النحو والصرف المساعد

في كلية التربية من جامعة عدن ، وكلية العلوم الأنسانية من جامعة الملك خالد

( 9/5/1435 هـ الموافق 10/3/2014 م )

 

 

 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *