الجمعة ٢ مايو ٢٠٢٥ الموافق ٥ ذو القعدة ١٤٤٦ هـ

ألم تستفد من الصحوة ياغذامي ؟! – للكاتب أ. رافع بن علي الشهري

ألم تستفد من الصحوة ياغذامي ؟! – للكاتب أ. رافع بن علي الشهري

 

من فضل الله وكرمه على هذه الآمة أنه يتجدد لها أمر دينها من حين إلى حين ومن قرن إلى قرن,ومن مكان إلى مكان,وهذه من السنن التي لم تنقطع منذ بزوغ فجر الاسلام وإلى اليوم,فالتاريخ يشهد كم من صحوة سنية سلفية معتدلة أضاءت زمنها الذي بزغت فيه,فاستيقظ فيه الغافلون وتعلم فيه الجاهلون وتبين فيه المنافقون!

ولعل دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب التجديدية الاصلاحية من أهم مابزغ وشع للآمة في بداية القرن الحادي عشر الهجري والتي

جنتْ الآمة منها أطيب الثمار وأينعها حين عرفتْ الكثير من البدع والخرافات فاجتنبتها وفهمت منهج السلف الصالح الصحيح فسلكته.

وحين ظهر نجم الصحوة المباركة في بداية القرن الرابع عشر الهجري,كانت أكثر المجتمعات الاسلامية في غفلة معتقدات دينية وعبادات وواجبات وسنن,وهذا نتاجٌ للطفرة المادية السريعة والضعف الدعوي الخالي من الطروحات الفكرية المنضبطة والمحاضرات الدينية المعتدلة والدروس العلمية الهادفة,التي لاتكاد تُرى الا في حلقات كبار العلماء والتي لايَعلم بها الا من جلس فيها.

والذي لايختلف عليه اثنان إلا من كان جاحدا للحق وفيه نفسه هوى أن الصحوة قد قدمتْ للآمة أغلى وأسمى وأرفع الآهداف وأجلها فقد استفاد منها الصغار والكبار والخاصة والعامة رجالا ونساء.

لقد كان من أهم وأبرز ماقدمتْ الصحوة للآمة قاطبة مايلي:

1-نشرتْ المحاضرات والدروس العلمية المؤصلة في علوم القرأن وتفسيره والعقيدة والفقه والحديث والسيرة وغيرها,في شتى أنحاء البلاد,وتوزعتْ هذه الدروس عبر الشريط والكتاب حتى تجاوزت الحدود,فعمت الفائدة للكثير.

2- تَصحح الكثير من المفاهيم والعادات الخاطئة لدى المسلمين في العبادات والعادات حتى تبين ماهو عادة وماهو عبادة وماهو بدعة وماهو سنة.

3- عادت السنن النبوية المهجورة لدى المسلمين كصيام عرفة وعاشوراء والايام البيض والخميس والاثنين وغيرها.

4- استأنس بالصحوة البعض من زعماء الآمة,فاستقطبوا بعض دعاتها فنفع الله بهم البلاد والعباد.

5- أحيت في الآمة مفهوم الجهاد فجاهدوا بأموالهم وأنفسهم حتى أخرج الله الاتحاد السوفيتي من أرض افغانستان,وما حصل في افغانسنان بعد ذلك من خلافات.. ليست من أخطاء الصحوة بل انها بأسباب المؤامرات العالمية الصهيوامريكية خوفا من اتساع رقعة الجهاد وخوفا من قوة المسلمين وتأزرهم.. وكان بأسباب الطابور الخامس في الصف الجهادي الذي كان يُدار من قلب واشنطن وتل أبيب فإيران.

6-امتلكت الصحوة حين انطلقت كل مقومات النجاح الدعوي والتثقيفي فانتشلت الآمة من غياهب الجهل الفكري,وبصرتها بالطرق الصحيحة والآهداف السامية,وأنارت لها سبل المعرفة بالواقع وبينت لها مايحاك لها من أعدائها,وجلت وبددت الكثير من عوامل التغريب النتنة,ومنها الغزو النشط لمفاهيم الحداثة الثقافية التي سرعان ما تحطمت تحت أقدام الصحوة,حتى تخلى عنها بعض رموزها ومنظروها ودعاتها البارزون,كالدكتور عبدالله الغذامي الذي نافح عنها كثيرا في أكثر النوادي الادبية وعبر الصحف والوسائل الاعلامية من مرئية ومسموعة ومقروئة,وألف الكتب عنها ولها!

لقد تصدّت الصحوة لفكر الحداثة الهش الذي يدعو للقضاء على الثابت ويدعو للتحول,ويشيد برموز الحداثة الغربيين وشياطينها الملحدين كالفرنسي(بودلير)والعربي (أدونيس) وغيرهما..في فترة كانت جُلّ الصحف والمجلات والمنابر الثقافية والنوادي الادبية تفتح أذرعتها لهم وتمجدهم وتتجاهل أدب الاصالة كالشعر العربي الاصيل ورموزة,وتفاخر بقصيدة النثر والتفعيلة الموغلة في الغرابة والغموض والابهام..والتي لاتنفك في معظمها عن التعرض لله سبحانه ولرسوله ولدينه!

لقد كنت أظن أن الدكتور الغذامي وبعد هذا البعد الثقافي المتميز والشهادات الاكاديمية العالية والعمر المتقدم والبيئة المحافظة قد استفاد من هذه الصحوة فعاد عن هوس الحداثة وفكرها الهزيل غير أنه ظل زمنا ينافح عنها ويتصدى لخصومها,وحين علم أنه أصبح يغرد لوحده نفض يديه منها,لا قناعة منه بسوئها بل لفقدها بعد ذوبانها..والدليل على ذلك أنه لازال يعتبر أن الصحوة خصم له,ويتنقص منها في مقالاته واطروحاته وأخرها ذلك اللقاء مع الدكتور عبدالعزيز قاسم في برنامج(حراك-الصحوة بعيون الغذامي) والذي لم يشكر للصحوة فيه شيئا..بل

حاول أن يحصرها في ارهاب وعلاقات أسرية متفككة وجهل وتخلف وقارنها بالحداثة التي يئس منها باكيا عليها,وأنهما مجرد ذكريات,وما علم أن الصحوة بريئة مما يقول.. فنتائجها مازالت وستظل, وأما الحداثة فهي الذكريات الباقية له ولآهل الحداثة يحيون ويموتون على حبها وعشقها,وليس غيرهم!

بيد أنني أقول للدكتور عبدالله الغذامي,الذي أشهد الله على شفقتي عليه سيما وهو يقطف ثمار خريفه العمري الذي أتمنى أن يطول معه على طاعة الله..أقول له..ألم تستفد من الصحوة بعد حتى وأنت تتخلى عنها؟.. وحتى وأنت تعتب على اللبرالية وتعتبرها موشومة؟..لقد يئستَ من الحداثة حين حطّمتها الصحوة وعتبتَ على اللبرالية المُنهكةِ التي تناغمت معها طويلا؟..ألم تكن هذه فائدة استفدتها من الصحوة..وأنت قد غفلت عنها؟ ألاتعلم أن المرء يثاب رغم أنفه؟أتمنى أيها الدكتور أن تكون محبا للصحوة لاخصما لها..ولا تخش أن تقول لك فلول الحداثة(صحونجي)..لآنه سيقال لك جزاك الله خيرا وبارك فيك!

 

رافع علي الشهري

r-a-alshehri@hotmail.com

 

 

التعليقات

تعليق واحد على "ألم تستفد من الصحوة ياغذامي ؟! – للكاتب أ. رافع بن علي الشهري"

  1. لله درك
    مقال رائع ويحمل الكثير من الأفكار المعتدلة التي تخاطب العقل وتقنع الآخر .
    أشكرك على هذا المقال و ياليت الغذامي ومن هم على شاكلته يتعظون ويعتبرون !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *