أعلمُ يقيناً أن الواحد الأحد تقشعر لذكره الأبدان, ولذلك رفعت إليكم اليوم نِداءً بِذكر ربي جل في علاه, حتى استذّكِر وإياكم مواطن الفرج والرحمة والنصر والفلاح والتيسير, أذكِّركُم وأذكِّر نفسي أن هذه الأمور لن تكون إلا مع الله الواحد الأحد, لأن الكثير غفل –وللأسف- عن لطف الباري جل في علاه, ونسِيَ بعضهم رحمته وكرمه وغِناه!.
أيها الناس.. تتقلب النفوسُ ما بين ثباتٍ ونكوص, وترى وجوهاً باسمةً ووجوهً عليها عبوس, ومِن بين أظهُرِنَا أُناساً مهتدين, وأناساً أدركهم شيطان الهوى, فَهُم في حربٍ ضروس, ألا فلتهنأ أرواح الذين سلكوا طريقهم إلى الله, وَلِترتاح نفوس الذين آمنوا بما ينتظرهم عند الله, وليس هناكَ مِن إيمانٍ إلا ويتبعه عمل, ولا عمل إلا ويعقبه جزاء (تِلكِ الجَنَّةُ التي نُورِثُ مِن عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقَّياً).
هل علمتم أحداً كان مع الله ثم خسر؟ هل عرفتم أحداً لاذَ بجناب الله ثم خاب؟ هل مِن أحدٍ عرف الله ثم ندم؟ لا وربي لن تجدوا أبداً أبدا.. إذا لماذا هذه الحيرة والضياع والأم والحزن والكآبة والله معنا؟ لماذا نلجأ إلى البشر الضعفاء, ولدينا ربٌ يرى النملة السوداء فوق الصخرةٍ العتماء في ليلة ظلماء, إنه يرى مكانها ويسير أمورها ويطعمها ويسقيها ويحفظها ويعلم مستقرها ومستودعها .. فكيف بك أنت أيها العبد الفقير المؤمن إذا كان الله معك؟.إذا كنت مع الله, فاعلم أنك مع القوي الذي لا يُهزم, ومع البصير السميع الذي لا يَغفَل, ومع الملك الفرد الصمد الذي لا يُضام, ومع العزيز الكريم الحكيم الذي لا يُرام.
مع الله تتنزل الرحمة والسكينة على السجين في غياهب السجن, مع الله يتنزل الأمان على الخائف المرعوب في داخل الغار, مع الله ينتصر القوم ويرتفع شأنهم مع كونهم قِلّه, مع الله يأتي الشفاء ليزيل السقم من أجسادٍ أضناها المرض, مع الله يذهب الحزن فإذا بدموع الألم أمل, مع الله يفرح المؤمنون بنصر الله (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ).
الله .. هل تعلم له سميا؟!.. ذكره دواء, عبادته شرف, عطاءه غِنى, الخضوع له ِفعه, وعده صدق, عذابه أليم, أخذه شديد, ينصر جنده, يخذل أعداءه, يبطش بالجبابرة, ويقتص للمستضعفين, ويُجيب دعوة المظلومين, ورحمته وسعت كل شيء.
﴿اللهُ﴾ يَــا أَعْــذَبَ الأَلْـفَــاظِ فِـــي لُـغَـتِـيوَيَــــا أَجَـــــلَّ حُـــــرُوفٍ فِـــــي مَـعَـانِـيـهَـا
﴿اللهُ﴾ يَـا أَمْـتَـعَ الْأَسْـمَـاءِ كَــمْ سَـعِـدَتْ
نَفْسِـي وَفَـاضَ سُـرُورِي حِـيـنَ أَرْوِيـهَـا
﴿اللهُ﴾ أُنْـــسِـــي وَبُـسْـتَــانِــي وَقَـافِـيَــتِــي
﴿اللهُ﴾ يَــــا زِيــنَــةَ الـدُّنْـيَــا وَمَــــا فِـيـهَــا
﴿اللهُ﴾ يَـرْتَــاحُ قَـلْـبِــي حِــيــنَ أَسْـمَـعُـهَـا
وَحِـــيـــنَ أُبْــصِــرُهَــا نَــقْــشًــا وَأُمْـلِــيــهَــا
﴿اللهُ﴾ أَرْحَــــلُ فِــــي أَعْـمَـاقِـهَـا وَعَــلــى
إِيـحَـائِـهَــا تَـسْـتَـمِــدُّ الــنَّــفْــسُ بَــارِيــهَــا
﴿اللهُ﴾ فِــيــهَـــا إِجَــابَـــاتِـــي وَأَسْــئِــلَــتِــي
وَمِـنْ مَعَانِـي الـرِّضَـا وَالْـحُـبِّ صَافِيـهَـا
ربي.. مَن عرفك فقد عرف كل شيء, ومَن ضل عن سبيلك فقد خاب وخسر وفَقَد كل شيء, أنت الذي تهدي من الضلالة وتُنير الظُلًّمة وتعلم خائنة الأعين وما تخفيه الصدور, خذ بأيدينا إلى سبيلك وأهدنا سبيل الرشاد واكتبنا مع الآمنين يوم المعاد.
التعليقات