أجد نفسي حائرا وأنا أتحدث عن بطل من أبطال التاريخ بطل من أبطال هذه الأمة العظيمة التي كلما أوشك جيل من أجيالها على التهاوي والتمزق والإنحدار أرسلت له فذا ينتشله من الحضيض ليسمو به عاليا .
كان عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود رحمه الله أحد هؤلاء الأفذاذ الذين تكتب أسمائهم على مر الدهور والأزمان وفي كف التاريخ وفي صدور الأجيال وفي ذاكرة الأمة .
وقد رأيت فيه معاني العظمة والوفاء التي تذكرني بأعظم أفذاذ هذه الأمة من بعد المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام. وعلمت تماما أن الأقلام تعجز والألسنة تكل عن وصفه وذكر مناقبه ولكن شدة إعجابي به دعتني أن انظم فيه شعرا ملحميا من بحر الطويل
وأعلم أنه قد لا يخلو من الهنات (ا لفنية ) ولكن عذري في ذلك هو الإلتزام بالتقريرية المسلم بها في شعر الملاحم والذي قلما يأخذ فيه الخيال مكانا ..
علما بأنني حاولت أن أضع لمسات فنية تصويرية في أكثر المواقف وأظن أني قد وفقت ولله الحمد ، وقد قسمت هذه الملحمة الصغيرة حسب وقائعها وأحداثها إلى فصول وجعلت لكل فصل قافية مستقلة ويجمعها بحر واحد هو الطويل ..
وقد حاولت جاهدا أن أبتعد عن التغريب في الكلمات رغبة مني في أن يقرأها المثقف والعادي العربي دون صعوبة حتى أن البعض ظن أنها من الشعر النبطي ( الشعبي ) قبل أن يمعن فيها النظر خاصة وهم يقرأون في فصل ( الوثبة الأولى لفتح الرياض ), وفي ( وثبة للمجد أحيت نضالها ** أعد لها عبدالعزيز رجالها ) .
هذا وأسأل الله العلي القدير أن يتغمد صانع هذا المجد المتألق عبدالعزيز بن عبدالرحمن بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يجزيه خير الجزاء فقد بسط بإذنه تعالى الخير والأمن والنماء وأنجب لهذا الوطن أبناء بررة أوفياء .
( صدرت الطبعة الاولى عام 1419هـ شعبان ونفذت من الاسواق )
اولاً : المقدمة الشعرية
تأملتُ في سِيَرِ البطولةِ والشممْ ** فأوقفني بطلُ تألق في الــقمــمْ
فأمعنتُ في التاريخ ادْرسُ مجده** وما أعظم المجدالذي يحيي الاممْ
فعبد العزيزابن السعود موحدٌ ** لشعبٍ ترامى في الجزيرة وانقسمْ
لقد لمّ شمل الناس حين تفرقوا ** فصاروا سواءً تحت رفرفة العَلَمْ
وبدّل خوف الناس أمناً ونعمةً ** فجُرحُ الضغائن بينهمْ طاب والتأمْ
وأصبح من يمشي على الآرض أمِناً ** ويهنأ عيشاً حين يصْحوَأو يَنمْ
ومُدّ شراع الخير فوق سمائنا ** فألحفَ حتى الجاربالمال والنعمْ
وإن جاءضيفٌ زائرٌ لديارنا ** نكون له أهلا وصحباً وكالحشَمْ
لآن لنا وطنايفيض كرامةً ** فعبد العزيز الشهمُ علمنا الكرَمْ
فنعم المعلم والرعية والوطنْ ** ونعم الذي للعلم أصغى وقد عَلمْ
فيا ايها التاريخ يا شاهداً يرى ** تحدثْ عن الابطال والمجد والقيمْ
وهات لنا صورا تشعّ بطولةً ** لعبد العزيز الفارس الفذ ذي الشيمْ
ليعلم كل الناس عن سر مجدنا** وتعلم اجيال العروبة والعَجَمْ
ويعلم كلٌ عن كيان بلادنا ** وان مؤسسها فتىً عاليَ الهمَمْ
ويعلم كلٌ عن موحدِ شملنا ** ومن بعد ما جثم التفرق والنقم
ومن ذا الذي حقن الدماء بعدله ** اليس الذي بالشرع والدين قد حَكَمْ؟
ومن ذا الذي نشر العقيدة بيننا** وقام برفع الجهل والخوف والسَقَمْ؟
اليس الذي القرأن دستور حكمة ** ومن يبتغي خيرا وبالله يعتصمْ؟
اليس الذي من سنه المصطفى استقى** وفي شَرفٍ خدم المشاعر والحَرَمْ
فيا ايها التاريخ ياخير شاهدٍ ** سنسمع قولا منك قد خطّة القلمْ
ونسمع عن بانٍ بنى خير موطنٍ ** على خير ارضٍ انجبتْ اشرف الاممْ
3- عبد العزيز في صباه
وشبّ فتىً في ارضنا ينشد المنى ** ومن قلب نجدٍ اسس الله مجدنا
ترعرع والامال تحدوة كلها ** وقد لاح في الافاق من ملْكه سنا
تذكّر ابائاً له ضاع ملكهم ** بـنـوه على شرعٍ بناه نـبيـنا
بنوه على الاسلام والعدل والهدى ** وأرسى الدعائم في بناء صروحنا
فنعم الفتى عبدالعزيز ابن فيصلٍ ** ونِعم الذي أر سى ونِعم الذي بنى
رأى قومه بين العشائر شُرّدوا ** ولم يجدوا دوراً تقيهم وموطنا
رأى الناس فوضى بين باغٍ وجاهلٍ ** فحقّ له ان يستشيط ويحزنا
وحقّ له ان يسترد مكانه ** ليحكم حكمـا عـادلا ومهـيمنا
ويجعل شرع الله في الناس قائما ** ومن سنة المختار نهجاً وديدنا
وراح الفتى في نجد يستلهم الهدَىَ ** ليبني ملكا شامخا ليس هينا
وضاق الفتى ذرعا وفي نفسه عُلا ** فشمّر في عزمٍ وبالنصر ايقنا
وداعب اسنان الرماح برمحه ** وكسّر اسياف الرجال تفنـنا
وخاض مع الابطال اشباه غارةٍ** وماكان الا فارسا متمرنا
وبارز من فوق الجياد بسيفه ** فكان قويا بارعا متمكنا
اعدّ ليومٍ في يد الدهر قادمٍ ** مهندة الاسياف والنبل والقنا
فسِرُ الفتى في مجده كان عزمه ** فما خاب يوماً او تردد وانثنى
وليس الذي يسعى لحقٍ يخصّه ** حرياً بأن يرتاب يوماً ويجبنا
فكان الفتى عبدالعزيز مجاهداً ** و في كل امرٍ يستشير ليفطنا
وكان شديد الرأي فارس قومه ** وكان قوي الدين بالله مؤمنا
3- عبد العزيز في الكويت
وراح الفتى في الارض يستنهض العربْ ** وينشد قولا للحقيقةِ قد وجبْ
بأن له مجدا عظيما في العلا ** وان له اصلا عريقا في النسبْ
وان له مُلْكاً ترامت حدوده ** فعنه شعاع الشمس لم يخْبُ او يغبْ
وان له في نجد كل سيادةٍ ** اقرّ بها التاريخ نقـلا في الكتبْ
وراع الاكابرفيه عقلا وفطنةً ** تجلّتْ في الإقدام والصدق في الطلبْ
فقالوا بإعجابٍ مقالة حكمةٍ ** ونظرة صدقٍ في الرجولةِ لم تخبْ
بان الفتى ذو حنكةٍ ونجابةٍ ** وفيه إمارات الزعامة والرتَبْ
وفية بأذن الله امال شعبه ** وفيه الرجاء لآل مقرن والآرَبْ
وفتّحتْ الابوابُ ترجو قدومه ** فكم من اميرٍ سُرّ بالضيف ذي الحسَبْ
وحل الفتى ضيفا على ابن جابرٍ ** سليل الاكارم والجهابذة النُجبْ
وكم رحبت ارض الكويت وأهلها** فكل اخٍ يلقاه بالحب ينجذب
وكل صديق لا يود صديقه ** يكون عدوا يضمر المكر والعطب
فلا خير في من لا يجير حليفه** اذا جثمت يوما على ارضه النوب
ولا خير فيمن لا يناصر طالبا** لعدلٍ يعيد الحق ان ضاع او سُلبْ
فشيخ الكويت وشعبه ودياره ** رموز وفاءٍ في سما الحق كالشُهبْ
وقد ناصروا عبد العزيز وأهله ** ولم يختفوا خلف الستائر والحُجبْ
وأسقوه من لُعبِ السياسة حنكة * سرتْ في الدماء فأذكتْ العقل والعصَبْ
فقد ترجم الشيخ الصباح وفاءه ** مع اقرب الجيران والجار ذي الجنب
رأه الفتى عبدالعزيز مفاوضا ** مع روسيا والغرب فانتابه العجَبْ
4- الوثبة الاولى لفتح الرياض
وفي وثبةٍ للمجد احيتْ نضالها ** اعدّ لها عبدالعزيز رجالها
فكانوا حماةً للعقيدة والحِمىَ ** وكانوا شواطئ ارضنا وجبالها
وكانو سيوفا في الوطيس وفي الوغى** اضاءوا تلال ديارنا ورمالها
سيوف الفتى عبدالعزيز قواطعٌ ** اذا لَمعتْ غطّىَ البريقُ ظِلالها
فهم ثلة التوحيد لله درّهمْ ** اعادو لنَجدٍ والجزيرة حالها
فكانوا نجوما شعّ في الارض نورها** وكان الفتى عبدالعزيز هلالها
وفي واحة(اليبرين) عدّ رجالَه ** وأعطىَ السيوف وشدّ فيها نصالها
فستون فذا للمنايا تجهزوا ** فشدوا المطايا خيلها وجِِمالَها
وساروا لفتحٍ بارك الله امره ** له اشرقتْ نجدٌ وأبدتْ جَمَالَها
ومدّتْ لهم ارض الرياضِ يمينها** وفي شَغَفٍ مدّتْ اليهم شِمالها
لقاء الآحبة بين أمٍ وإبنها ** كعود الفتى للدار لمّا أتى لها
5- فتح الرياض
وفي ليلةٍ قمريةٍ ذات انجمِ ** بدتْ نجد تزهو للامير المعظمِ
وكل البراري والسهول تعانقت ** لتهمس في همس المحب المتيمِ
تكاد من الافراح تفضح سرّه ** ولكنـها بالعشـق لـم تـتكلمِ
روابيْ رياض المجد حين أتى بها ** تغنت وقالت مرحباً بالمكّرمِ
سليل الاماجد من اصول ابن مقرنٍ ** اذاحملوا الرايات جاءوا بمغنم
وفي وثبة الابطال أقتحم الفتى ** حصونا بها عجلان يأوي ويحتمي
والفى بها عبد العزيزغريمَه ** غداة نهارٍ بـاسم ٍمتـبسمِ
يداعب بين الخيل أجود خيله ** وكل حصانٍ بارعٍ ومُعلّمِ
وباغته عبد العزيز برميةٍ ** ففرّ جريحا في عنىً وتألُم ِ
وصاح بأعلى صوته في توسلٍ ** ولكنه من حتـفه لم يُسلّمِ
أتته المنيةُ راغما عند بابه ** أتاه بها المقدام تقطر بالدّم
ونادى منادٍ من على القصر معلنا ** بمُلكٍ جديدٍ عاد بعد تجشُمِ
وعاد به عبد العزيز مظفّرا ** ليحمله في الله خير محَكّمِ
وقال المنادي إ نما الملك للذي ** أقام السماءبلا عمادٍ وُسلّمِ
ونادى المنادي معلنا بولائه ** لعبد العزيز ابن السعود المعظم
مليكٌ اعاد الملك حقا لأهله ** وحق الاكارم عندنا خير مقَسمِ
وجاء المليك الى ابيه مقدما ** له العرش في حُبٍ جزيلٍ ومفعم
فقال ابوه وقد ترقرق دمعه ** لأنت المليك فأنت مني ومن دمي
وانت الذي بالعزمِ قد ردّ ملكنا ** فخذ بيعتي لك في رضى وتفهم
فقبّله عبد العزيز وضمّه ** اليه بساعـدهِ ومـدّ بمعصَمِ
فصارتْ رياض المجد ترقص فرحةٍ ** ويطرب فيها كل كهلٍ وبرعَمِ
ومدّتْ يمين الفتح للارض خيرها ** وطالت يمين الفتح أنّى تيمم
6- عبدالعزيز وابن الرشيد
ايا ساكنا نجدا اتذكر ما جرى ؟ ** أتذكر من حكم الحجاز وشمرا؟
اتذكر اسلاف المليك ابن فيصلٍ ** اما حكموا شرق البلاد وخيبرا؟
أما علمتْ ارض الجزيرة حينما ** أُقيم الرشيدُ على الشمال وأمِّرا؟
لقد علمتْ ان السعودَ اقامه ** فما كان إلا عاملا قد تجبرا
وماكان الا خارجا عن مليكه ** ولولا المليك لما علا وتأمرا
ومن بعد أمر الله فيما أراده ** فسبحان من كتب الامور وقدّرا
وجاءت صفوف الترك تسند جيشه ** لتجعله صلب الشكيمة والعُرى
فقال له عبد العزيز بحكمةٍ ** اذا شئت فأوضنا وإلافـما ترى!!
وأنذرَه عبد العزيز بقوةٍ ** وقال له َمن أنذر الناس اعذرا
ودارت رحى الحرب التي طال حينها ** وكان بها عبد العزيز مظفرا
وولتْ فلول الترك في غير رجعةٍ ** تيمم شطر الشام أو شطر انقرا
7- عبد العزيز وبعض خصماءه
وقد عَلِمَ الخصماءُ ما كان خافيا ** وأن المليك لدينه كان حاميا
وما كان في يومٍ على الناس معتدٍ ** وماكان في يومٍ على الناس باغيا
وقد شهد الخصماء والحق قولهم ** بأ ن المليك لربه كان داعيا
وكان على قد رالمكارم كلها ** فلم يبق من شرف المعالي باقيا
وقد كان ذا عفو وإن كان قادرا ** على خصمه لوجاء في القيد عانيا
وكم صَبرَ الملك الصبور على الذي ** من الجهل اصبح للحجيج معاديا
ومن حقده صدّ الحجيج لنجدِهمْ ** فلم يبق بين الناس منهمُ ساعيا
وما َصبْرَ ابن سعود جبناوخلعةً ** ولكنه قد كان للجار وافيا
ولما أساء الجار للدين لم يعدْ ** سوى دفعه ثمنا وإن كان غاليا
وعمّ الآمان على الحجاز وأصبحتْ ** تمدُّ لكل المسلمين الآياديا
وما أن رأى عبد العزيز مظالما ** سرتْ في الجزيرة قام للحق حاميا
وجاء الجنوبُ الى الشمال مصافحا ** وشرق البلاد وغربها قد تلاقيا
وكلٌ أتى نحو المليك مبايعا ** وقالوا هنيئا قد اطعناك واليا
وقد أكرم ابن سعود من جاء طائعا ** وكلٌ من الآعيان نال الآمانيا
8- توحيد المملكة العربية السعودية ودستور البلاد
وفي غرة الميزان أُعلن للملا ** بمملكة عربية تنشد العلا
سعودية البنيان والدين أصلها ** وتحمل للآسلام بندا ومشعلا
فمنهجها القرأن اعظم منهجٍ ** وسنة أحمدَ منهجٌ قد تأصلا
وفي أمرها شوريةٌ بين شعبها ** وكلٌ له رأي اذا كان عاقلا
وأم القرى للدين كانت ولم تزل ** مقرا وعاصمة ومأوى وموثلا
مقدمةٌ عند الآله وخلقه ** وتلبس فوق الآرض تاجا مكللا
وليس لآهل الكفر أن يطئونها ** وأن يجعلوا فيها مقرا ومنزلا
وأما رياض المجد فالمجد زانها ** وصارت لآرباب السياسة منهلا
وقد فُتحَتْ فيها الوزارات كلها ** وصارت لدين الله والعُرب معقلا
وكم يفد الزعماء من كل دولة ** ومقصدهم فهم السياسة أولا
فبالخير لابالشر تسقي وتستقي ** وكل سقاءٍ صار بالودّ سلسلا
9- الملك عبد العزيز وروزفلت وتشرشل
وسَلْ روزفلت عن المليك المبجلِ ** عن الملك المقدام عن ابن فيصلِ
وسله عن الشهم المهيب الذي رأى ** عليه سمات المجد والعزتعتلي
رأى فيه أمجاد العروبة كلهمْ ** فمجدٌ على مجدٍ من العز يمتلي
رأى فيه رمز العبقرية ظاهرا ** ومعنى الكرامة والشهامة قد جلي
وناهيك عن سر البلاغة كلما ** تكلم أوجز في بيانٍ مفصل
وقد قال فيهاروزفلت شهادةً ** أشاد بها الزعماء في كل محفل
وقال لقد مرّتْ سنونٌ عديدةٌ ** ولم أدر ماذا عن فلسطين قيل لي
فسرّ القضية غامضٌ ماعلمته ** لآن الحقيقة بُدّلتْ بمبَدّل
وأخبرني عبد العزيز مبينا ** معاناة شعبٍ في فلسطين أُبتلي
وأعلمني بحقيقةٍ قد جهلتها ** وسلّط أضواءاً عليها بمشعل
فقال يعود يهود من حيث شُردوا ** فليس لهم في أرضنا أي منزل
فكفوا عن البذ ل الذي تبذ لونه ** لدعم اليهود وظُلم شعبٍ مؤصل
وقد أسمعَ صهيونَ المقالةَ كلها ** وأسمعها أيضا لمستر تشرشلِ
وكمْ أذهل الملك العظيم خصومه ** لحنكته في كل يسرٍ ومعضل
وقد أذهل الزعماء عند ظهوره * ففي الشرق أو في الغرب قيل ابن فيصل
وقيل له ابن سعود من بعد إسمه ** وقيل له الصقر المحلق مِنْ علي
10- عدالة عبدالعزيز
وقال ابو تركي لشعبٍ توحدا ** على كل فردٍ ان يقول ويشهدا
بأنا فتحنا للانام صدورنا ** ولن نغلق الابواب عنهم ونوصدا
وأنا سننظر في المظالم كلها ** وفي اخذ حكم الله لن نترددا
وقال المليك ليعلم الناس انني ** سأنصب ميزان العدالة والهدى
واسمع للشاكي وان كنت خصمه ** فانصفه مني وممن قد اعتدى
ولو كان إبني او حفيدي واخوتي **ولو كان شيخا او اميرا وسيدا
11- عبدالعزيز ودعوة العجوز
ويامن رأى عبدالعزيز ملثما ** ومن بعدما جنّ المساء واظلما
وبين الرعية سائرا متخفيا ** ليسعد محزونا ويعطى مُعد ما
وينصر مظلوما ويكسي عاريا ** ويسمع ايضا شاكيا متظلما
ويا من رأه وقد ترقرق دمعه ** لشكوى التي ترعى صغيرا تيتما
ويامن رأى الملك العظيم وقد جثى** وضم اليتيم مقبلا ومسلما
والدمعُ في عينيه يخنق صوته ** تكاد الجلالة فيه ان تتكلما
وجاد المليك ببذله وسخائه ** ليمسح دمعة من بكى وتألما
وينشد فضل الله عند لقائه ** فسبحان من اعطى المليك وانعما
واقبلت الآم الرؤوم بطفلها ** وقد رفعت كلتا اليدين الى السما
وقالت إلهي حققْ النصر والمنى ** لعبدالعزيز وهبْ له منك مغنما
وأخرجْ له من باطن الارض كنزها ** وإجعله بالخير الوفير منعما
وطارتْ الى الافاق دعوتها التي ** تعدّتْ سحابا ثم شمسا وانجما
وصارت كنوز الآرض تترى بخيرها ** على ملكٍ للشعب أعطىَ وأكرما
12 – مجالس الذكر في دار عبدالعزيز
ولله يا دار المليك الموحدِ ** سرىَ من جوانبها دعاء التهجدَ
سرىَ يحمل التوحيد في نفحاته ** ويحمل اخلاص التقى والتعبدِ
ففي هدأة الليل البهيم تسللت ** صلاة مليكٍ قد جفا كل مرقدِ
وأثرنجوى الله في كل هجعةٍ ** ليسأله من كل خير ومقصدِ
ويا من رأى عبدالعزيز مرتلا ** لاي كتاب الله افضل موردِ
وقد ذرفتْ عيناه خشية ربه ** واتبعها بتأوهٍ وتنهدِ
ويا من رأه ودمعه متحدرا ** على وجنتيه ويمسح الدمع باليد
فلله يا عبدالعزيز وأنت من ** اقام الشريعة دون أي ترددِ
وانت الذي حكم الديار بمصحفٍ ** كتاب العزيز معززاً بمهندِ
وانت الذي يعطي وفي الله يبتغى ** وتمشي على نهج الرسول محمد
ويا من رأى عبدالعزيز وحوله ** بنوه وأهل العلم في خير مشهدِ
لهم من كتاب الله درسٌ محددٌ ** اذا قرأوا قرأوا بصوتٍ مجودِ
ومن سنة المختار كان نصيبهم ** قراءة فقهٍ او حديثٍ ومْسندِ
ومن كل عِلمٍ ينهلون مناهلا ** اذا نبعتْ بالحق من هدي احمدِ
وصية عبد العزيز لآبنائه
13- ومن يلي الحكم من بعده
ومن بعد عمرٍ حافلٍ بالعظائمِ ** طوته سنون المجد.. مجد الأكارمِ
راى الملك ابن سعود قُربَ رحيلِه ** الى ربه الرحمن ارحم راحمِ
ووصى المليك بنيه خير وصيةٍ ** تُعدّ بأغلى من صليل الد راهم
وأغلىَ من الذهب السبيك لآنها ** لآمتنا من قبْل ابنٍ وحاكم
وقال المليك لوالي العهد بعده ** تزود من التقوى وكنْ غير أثمِ
وإنصر بني الآسلام نصرا مؤزراً** وكنْ في لِقا اللآواء في صبر حازم
وكن مخلصا لله داعٍ بحكمةٍ ** وقرّب اليك موقِراً كل عالِمِ
وأعدلْ في الآحكام فالعدل واجبٌ ** فبالعد ل ترسي شامخات الدعائم
وخفْ من وبال الظلم فالظلم قاتلٌ ** ودعوة مظلومٍ تؤدي بظالم
وأحرصْ على أن تعبد الله خاليا ** وخذ لك في الظلماء ركعة قائمِ
ورتل كتاب الله في كل ليلةٍ ** وأمسك اذا ماشئت امساك صائمِ
وأكثر من الطاعات وازدد تنفلا ** لعلك أن تحظى بحسن الخواتمِ
وقال له هذي نصائح مخلصٍ ** فإن تتّبْعها لست يوما بنــاد م
لقد قالها عبد العزيز مودعا ** حياة الجهاد وحمل أغلى الصوارم
لقد قالها من بعد سبعين حجةً ** قضى جلها في رسم أعلى المعالمِ
ومن بعد ماشهد المشاهد معلنا ** بتوحيد خلاقٍ عظيمٍ ودائم
وفاضت الى رب البرية روحه ** ومات على التقوى وصنع التلاحم
( 14) الخاتمة
ومن سير الآبطال نستلهم العبرْ * وننقش ماقالوا على الصد ر والحجرْ
ونرسم مافعلوا برسمٍ مذَهّبٍ ** ونرفعها للمجد فوق الذرى ُصورْ
فعبد العزيز أقام للمجد منزلا ** رفيع العمادِ يبهرُ العقل والبصَرْ
وعبد العزيز هو الذي لمّ شعثنا ** فوحد أطراف الجزيرة بالحضَرْ
وعبد العزيز هو الذي صاغ بندنا ** فوحّدَ فيه إلاهـنا خالق البشرْ
وعبد العزيز هو الذي كابد الآسى ** ليبعد عنا الجهل والظلم والقهَرْ
أتى في زمانٍ أجدبت فيه أرضنا ** فكان بفضل الله للآرض كالمطر
به حقن الرحمن سفك دمائنا ** وصان به ما كاد يفنىَ ويندثرْ
أقام حدود الله حين تعطلتْ ** فدّ لّ على المعروف بالحلم والصبُرْ
فنشّأ شعباً نشأة الخير والتقى ** وعن منكر الآفعال في الناس قد زجَرْ
فعمّ الرخاء ديارنا بعد أمنها ** ولا تسعد الآوطان بالخوف والخطر
فسرْ في الديار ميمماً أي وجهةٍ ** ولا تخش مكروها يسؤك في سفرْ
وإن كنت في حِلٍ فسربك أمِنٌ ** وهل بعد هذا الآمن ينتابك الكد ر
فعبد العزيز بنى كيانا بحكمةٍ ** ومن يؤتها يؤت المغانم والظفر
بنته يداه فأحسن الله مابنى ** رفيع الدعائم حُسْنه يلفت النظر
كيانٌ عظيم سرّه في بنائه ** يكاد يلامس من ضخامته القمر
فما كل بَنّاءٍ يجيد بنائه ** وما كل من حاك السياسة مقتد ر
وعبد العزيز أضفى على الحكم حنكةً** يداول في أحوالها المد والجزر
فأسس للشورى في الحكم منهجا ** أقام دعائمه بـنوه كما أمـر
وقرّبَ أهل العلم والفضل والنهى ** وشاورَهم فيما تعذ ر او كبُرْ
كأني به في فعـله وصفاته ** نبيلٌ من الآسلاف في عصرنا ظهر
وقد رسم الملك العظيم بنهجه ** حياة ابي بكرٍ ومن بعده عمر
وصوّر في كف الزمان معالماً ** ستبقى على مر الدهور لنا أثـَرْ
ستبقى مع الآجيال لحنا مرددا ** بأعذب أغنيةٍ يصاحبها وتَـرْ
فيا أرضنا بين الآراضين افرحي ** ففوقك احمد قد تربى وقد قُبر
وفوقك اصحاب الرسول ترعرعوا ** ومن فوقك دين الآله قد إنتشر
ومنك أتى عبد العزيز ابن فيصلٍ ** وفوقك وحدّنا على الحق فانتصر
وفوقك ابناء المليك ترعرعوا ** وكلٌ على ماكان والده ظَهَر
وكل بني عبد العزيز على الهدىَ * ومن كان من عبد العزيز قد انحد ر
ولو صغتُ في عبد العزيز ملاحما * من المدح ما أوْفِيه رُبْعا من الشطر
ولكنني أهدي اليه قوافيا ** مكـللةًً بالحب والفـل والدررْ
وإن كنت لم أوْفِيِه بالشعر حقّه ** لعجز الكلام عن العظام..فأعتذرْ
شعر
رافع بن علي الشهري
عضو رابطة الآدب الآسلامي العالمية
التعليقات