“يُكشف معدن الكاتب حين يختبره الغياب، وتُصقل بصيرته حين تتقاذفه فصول الحياة بين حضورٍ بَهي وفقدٍ مُوجع. لقد غبتُ عن ركض الصحافة وأضواء الإعلام لأربعة أعوام، لم تكن مجرد أرقامٍ في تقويم الزمن، بل كانت سنواتٍ تخللها الكثير من ‘اللاشيء’ الذي يخرج منه النصر، وبطء التدبير الذي يصنع التغيير. غبتُ وفي حقيبتي غصّات الفقد التي علمتني أن الكتابة ليست رصّاً للكلمات، بل هي دفقٌ من الروح يُسكب على الورق ليواسي القلوب التي تشبهنا.
لقد أدركتُ في غيابي أن الفقد مرّ، وأن رحيل ‘السند والعضد’ يترك خلفه فجوة لا يملؤها إلا الإيمان والرضا. والله ما كان الفراق هيناً، لكنه علمني أن الحرف الذي لا يخرج من رحم المعاناة، لا يصل إلى أعماق الناس. اليوم، أعودُ للصحافة لا لأملأ بياض الورق فحسب، بل لأحمل معكم أمانة الكلمة، برؤيةٍ نضجت تحت لهيب الفقد، وعزيمةٍ استمدت قوتها من ذلك ‘الجدب’ الذي تفجّر منه زمزم الصبر.
أعودُ إليكم، وبكل هذا التأني يكتمل صمودي، ورغم الشحوب الذي قد يمر على ملامحنا، يبقى وهج الحرف عصياً على الانطفاء. أعودُ ومعي وفائي لكل القلوب التي انتظرت، ولكل الذكريات التي بقيت، لنكتب معاً فصلاً جديداً، يليق بنا وبكم.


التعليقات