الثلاثاء ١٦ ديسمبر ٢٠٢٥ الموافق ٢٦ جمادى الآخرة ١٤٤٧ هـ

التوثيق بالصور.. ضرورة في الرحلات العلمية! – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم الغامدي

التوثيق بالصور.. ضرورة في الرحلات العلمية! – بقلم الكاتب أ. محمد آل مخزوم الغامدي

قبل ما يقارب أربعين عاماً، وتحديداً في عام 1407هـ، شهدت منطقة الباحة رحلة علمية ميدانية ذات بُعد بحثي وتطبيقي، تمثَّلت في جولة علمية إلى بلاد زهران، شملت على وجه الخصوص منطقة دوس، إضافة إلى زيارة ماطوه في بلاد غامد، وذلك بهدف استكشاف النباتات البرية التي تنمو طبيعياً دون تدخل بشري، ودراسة النباتات الطبية البرية في بيئاتها الأصلية.

جاءت هذه الرحلة ضمن إطار علمي منهجي، ركَّز على دراسة البيئة النباتية من حيث خصائص التربة، وقياس درجة الحموضةPH) )، وتحديد الأنواع النباتية المصاحبة، وتحليل التنافس البيئي بين النباتات في سعيها للحصول على العناصر الغذائية والماء والضوء، بما يعكس التوازن الطبيعي للأنظمة البيئية الجبلية في المنطقة الجنوبية.

أُنجزت هذه الرحلة بإشراف ومرافقة الأستاذ الدكتور عبد الرحمن سعيد آل حجر الغامدي، أستاذ البيئة النباتية بكلية العلوم في جامعة الملك عبد العزيز بجدة آنذاك، وبمشاركة أمين المعشبة في ذلك الوقت الأستاذ أحمد سمير عدس، واستمرت الدراسة الميدانية قرابة ثلاثة أيام شملت عدداً من المواقع في عموم منطقة الباحة، مع تركيز خاص على الغابات الكثيفة والأشجار المعمِّرة في بلاد زهران، لما تتمتع به من تنوع نباتي غني، وكان كاتب هذا المقال أحد المشاركين والمصاحبين للفريق العلمي في هذه الرحلة الميدانية.

أسفرت الرحلة عن معلومات علمية مهمة أُضيفت إلى رصيد الأبحاث المعنية بدراسة النباتات وبيئاتها في جنوب المملكة، حيث تم توثيق النتائج وإيداعها في مكتبة جامعة الملك عبد العزيز، كما شكَّلت هذه الجهود جزءاً من بحث تخرج علمي بعنوان: «نباتات طبية برية من منطقة الباحة».

ورغم أن آلة التصوير كانت مصاحبة للفريق خلال الرحلة، وكانت إمكانية التوثيق البصري متاحة في ذلك الوقت، إلا أن ضعف الاهتمام بأهمية التوثيق بالصور حال دون التقاط مشاهد ميدانية توثق المواقع والأنواع النباتية وسياق العمل العلمي، فغابت الصورة وبقيت الذاكرة العلمية مدوّنة في النصوص فقط.

وتبقى هذه الرحلة شاهداً مبكراً على الاهتمام العلمي المنهجي ببيئة الباحة النباتية، كما تُمثِّل رسالة واضحة للجيل الحالي بضرورة العناية بالتوثيق الميداني بالصور إلى جانب الكتابة، لما للصورة من دور محوري في حفظ التراث العلمي والبيئي من الفقد، وضمان انتقال المعرفة والذاكرة المكانية للأجيال القادمة.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *