السبت ١٣ ديسمبر ٢٠٢٥ الموافق ٢٣ جمادى الآخرة ١٤٤٧ هـ

حرب السودان ( حرب داحس والغبراء ) – بقلم الكاتب أ. صالح حمدان الشهري

حرب السودان ( حرب داحس والغبراء ) – بقلم الكاتب أ. صالح حمدان الشهري

حرب السودان لم يخترها أهلها، ولم تكن يوما حلما لبلد عرف الناس فيه معنى الطيبة والنبل والكرامة، حرب خرجت من صراع على السلطة لتتحول الى مأساة تمزق المدن وتشرد الأسر وتحول القرى الى أطلال، ويصبح فيها المواطن البسيط هو الضحية الأولى والأخيرة.

لم تكن هذه الحرب صراعا بين جيشين فحسب بل كان صراعا بين رؤيتين لمستقبل البلاد، وبين طموحات متعارضة ومشاريع متناقضة، وبين ذلك وجد المواطن السوداني نفسه عالقا في أتون هذه الحرب يبحث عن ماء لطفل أو دواء لمريض أو مأوى يقيه معاناة النزوح.

واليوم يقف السودان عند مفترق طرق خطيرة، فالحرب التي انطلقت شرارتها من الخرطوم وامتدت الى دارفور وكردفان ولم تسلم منها كل محافظات السودان في الشرق والغرب هذه الحرب ارهقت اقتصاد السودان وهددت نسيجها الاجتماعي المتماسك، ولكن أمل السودانيين يظل قائما فهم شعب تعود أن يقف بعد كل سقوط وأن يبني كل ما انهدم أو انكسر أو تضرر، ويبقى طموحه قائما رغم كل المعوقات والصعوبات والتحديات.

كل من ساهم أو شارك في إطالة أمد هذه الحرب واستهدف لحمة السودانيين واقتصادهم، والأرواح التي ازهقت والدماء التي سفكت فسوف يطالهم بإذن الله جماعات أو أفراد عقاب الله، ولن ينسى السودانيون معاناتهم ونهب ثرواتهم وإرهاق اقتصادهم، وتدمير البنية التحتية.

هذه الحرب تذكرني بحرب داحس والغبراء بين عبس وذبيان على فرسي رهان، ولم تتمكن القبائل المجاورة للإصلاح بين الطرفين المتحاربين لتضارب المصالح والتي استمرت لأكثر من أربعين عاما.

وهذه الحرب السودانية أصبحت كر وفر، فقد تسببت في تدمير بلد يعتبر الأكبر اقتصادا في المنطقة، وتشريد الشعب السوداني وتهجيرهم الى خارج مناطقهم، وقد تجاوز عدد الذي هجّروا من مساكنهم أكثر من 13 مليون من مواطني السودان، وهو أكبر نزوح في العصر الحديث، وتعتبر حرب السودان من أسوأ الحروب وأقذرها ، ولم تكن كما يقال حرب أهلية بل حرب بين دولة السودان وميليشيات من داخل الوطن وخارجه وبدعم بالمال والسلاح من دول لا ترغب في استقرار السودان، وتسعى للسيطرة على مقدراته الاقتصادية، واحتواء مناطق البترول والمعادن الثمينة.

وكأنهم بمنأى من عقاب الله، فالنفوس التي تزهق والدماء التي تسفك يتحملون وزرها وإن عقاب الله شديد، والانتقام قادم لا محالة لأن الله لعن الظالمين وأعد لهم عذابا أليما. وقد تسببت هذه الحرب المشؤومة الى انهيار الاقتصاد، فقد تراجع الناتج المحلي وخصوصا القطاع الزراعي لنزوح الشريحة الكبيرة من المزارعين والذين يعملون لتوفير الأمن الغذائي للسودانيين، كما تأثرت العملة السودانية وفقدت الكثير من قيمتها السوقية.

الخاتمة: إن السودان بحاجة إلى ضمير العالم وبحاجة الى وحدة أبنائه، فالحرب لا تبقي ولا تذر ولا يربحها أحد، وستنتهي هذه الحرب القذرة مهما طال زمنها، وسيعود السودان كما كان أرضا تتسع للجميع ونهرا يتدفق بالحياة، وجيشا لا يعرف الهزيمة أو الاستسلام. (إن النصر مع الصبر والفرج مع الكرب).

قبل الختام: اللهم احفظ بلد الحرمين قيادة وحكومة وشعبا، وأرضا وجوا وبحرا وفضاء من كل سوء ومكروه.

التعليقات

تعليق واحد على "حرب السودان ( حرب داحس والغبراء ) – بقلم الكاتب أ. صالح حمدان الشهري"

  1. قلت فأصبت ، دون إيجاز مخل ولا إطناب ممل. الوضع في السودان تحركه للأسف أيدٍ خارجية ستشرب يوماً ما من الكأس الذي سقت به الأخرين. لكن العقاب عند من لا تسهو عينه ولا تنام سبحانه ﷻ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *